الله ، فهو معصوم محفوظ ، وقد يحفظونه من الأمر النازل به فيدفعونه ، كما فعل بالزاني في حين زناه ، أخرج عنه الإيمان حتى صار عليه كالظلّة ، يحفظه من أمر الله النازل به حيث تعرض بالمخالفة لنزول البلاء ، فهؤلاء المعقبات يتبعون العبد حيث تصرف ، فهو مطلق التصريف في إرادته ، وإن حجر عليه بعض التصرف ، فإنه يتصرف فيما حجر عليه ، ولا يستطيع الملك منعه من ذلك لأمرين : الواحد لكون الحق قد ذهب بسمع هذا العبد عن قوله وببصره عن شهوده ، والأمر الآخر لكون الملك الحافظ الموكل به لا يمنعه لشهوده الحق معه في تصرفه الذي أمره بحفظه ، فهؤلاء المعقبات يحفظون العبد في تصرفه (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) وهذا لمناسبة التحويل ، فيطلب العباد التحويل بالتحويل ، ولسان الأفعال أفصح من لسان الأقوال ، وإلى هذه الآية يشار بتحويل الرداء في صلاة الاستسقاء ، إشارة إلى تحويل الحال الذي أخرج العباد من الجدب إلى الخصب ، ومن حال شظف العيش إلى رغده ، فإنّ تحول أهل المصر في خروجهم إلى الاستسقاء إنما هو تحول من حال البطر والأشر وكفران النعم إلى حال التوبة والافتقار وإظهار الفاقة والمسكنة ، فطلبوا التحويل بالتحويل ، فإنهم القائلون بهذا الفعل ، أي ربنا إنا هدنا إليك ورجعنا عما كنا عليه من مخالفتك ، فإن التنعم بالنعم وما كنا فيه من الخصب على جهة البطر أوجب لنا الجدب والقحط ، ونرجو بكرمك أن توجب لنا بالافتقار والذلة والمسكنة والخشوع الخصب (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) الوالي هو الذي يلي الأمور بنفسه ، فإن وليها غيره بأمره فليس بوال ولا إمام ، وإنّما الوالي والإمام هو المنصوب للولاية ، وإنما سمي واليا لأنه يوالي الأمر من غير إهمال لأمر ما مما له عليه ولاية ، وإن لم يفعل فليس بوال ، والوالي لا يكون أبدا إلا في الخير ، لا بد من ذلك ، فإنه موجد على الدوام ، فلا تراه أبدا إلا في فضل وإنعام وإقامة حد لتطهير ، والتطهير خير ، فإن الوالي على الحقيقة هو الله.
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ (١٢) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) (١٣)