الجنة التي دون جنة عدن وأفضلها ، ثم جنة الخلد ، ثم جنة النعيم ، ثم جنة المأوى ، ثم دار السلام ، ثم دار المقامة ، وأما الوسيلة فهي أعلى درجة في جنة عدن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
(سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (٢٤)
هذا الصنف المذكور هنا هم الصابرون أهل البلاء من البشر ، وأما الملائكة التي تدخل على أصحاب النعيم الشاكرين فلم يجر لهم ذكر ، مع أنه لا بد من دخول الملائكة عليهم من كل باب ، ومن رأى أن النعم التي أنعم الله بها على عباده في الدنيا ليست بخالصة من البلاء لما وجه عليهم من التكليف بالشكر عليها ، وهو أعظم البلاء ، إذ كانت النعم أشد في الحجاب عن الله من الرزايا ، فدخل أهل النعيم على هذا في قول الملائكة (بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) أي حصلتم في دار نعيمها غير مشوب بتكليف ولا طلب حق ، فلذلك لم يجر ذكر لأحوال الملائكة مع الشاكرين ، واقتصروا على ما جاء به الحق من التعريف وهو الصحيح ، فإن الدار تعطي هذا ، وجميع من في الدار الدنيا من مبتلى ومنعم عليه له حال الصبر ، فالصبر أعم من الشكر ، والبلاء أعم من النعم في هذه الدار.
(وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥) اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلاَّ مَتاعٌ) (٢٦)
يختلف البسط لاختلاف المحّال والأحوال ، فأما في محل الدنيا فلو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ، فأنزل بقدر ما يشاء ، وأطلق في الجنة البسط ، لكونها ليست بمحل تعنّ ولا تعدّ ، فإن الله قد نزع الغل من صدور أهلها.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ