(وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) (٢٠)
أي بممتنع. عزة الشيء لا تكون إلا على أمثاله ، فالشيء على عزته حقير بالنسبة لعزة الله التي لا تقبل التأثير ، فإن كل شيء في العالم بالنظر إلى عظمة الله حقير ، ولكنه بتعظيم الله لا بعظمته عظيم.
(وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ (٢١) وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢٢)
لما كانت المعجزات تشهد بصدق الدعوة من الرسل أنها دعوة من الله ، حكى الله لنا من قول الشيطان (لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) أي من قوة ولا حجة ولا برهان (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) وليس كل من دعا تلزم إجابته ، فإن الشيطان ما أقام برهانا لهم لما دعاهم ، فيا عجبا إن الناس جحدوا دعوة الحق مع ظهور البرهان وكفروا بها ، وأجابوا دعوة الشيطان العرية عن البرهان ، فقال لهم : (فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) وحكى الله عن إبليس قوله ، فأقره عليه ولم ينكره ، فاحذر أن تقوم عليك حجة الشيطان ، فإنه ليس له عليك سلطان ، فلا تقل زيّن لي ودعاني فأوقعني في الخسران ، أنت الذي أجبت ووقعت منه ، ولعنه ليس إلا التنحي عنه ، فما دعاك إلا بلسان الحال ، فإن أجبته بلسان الحال لم ينفع لعنه بالمقال.