(وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ) فإنهم لا يرجعون عند ما يبصرون ، ولا يعقلون عند ما يسمعون ، ولا يصيبون عند ما يتكلمون (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فكانوا هم الظالمين ، فإنهم ظلموا الحقوق أهلها ، فإن لهم قلوبا يعقلون ويفقهون بها ، وإن لهم أعينا يبصرون بها ، وإن لهم آذانا يسمعون بها ، فأنزلوا أنفسهم منزلة الأنعام بل أضل سبيلا.
(فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٤) وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٣٥) وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦) إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٣٧) وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٨) لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ (٣٩) إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٠)
(إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ) الإرادة هنا التوجه الإلهي بالإيجاد ، فنفى الأثر فيه عن السبب إن كان أوجده عند سبب مخلوق ، ولما توقف حكم الإرادة على حكم العلم قال : (إِذا أَرَدْناهُ) فجاء بظرف الزمان المستقبل في تعليق الإرادة ، والإرادة واحدة العين ، فانتقل حكمها من ترجيح بقاء الممكن في شيئية ثبوته إلى حكمها بترجيح ظهوره في شيئية وجوده ،