منه في تلك الآية ، فيذكره في استعاذته وينظر فيما ينبغي أن يستعاذ به من أسماء الله ، أي اسم كان ، فيعيّنه بالذكر في استعاذته ، وللمصلي في صلاته بعد أن يفرغ من التوجه وقبل أن يشرع في القراءة أن يتعوذ وليقل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وهذا نص القرآن ، وقد ورد في السنة الصحيحة [أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم] ولما كان قارىء القرآن جليس الله من كون القرآن ذكرا ، والذاكر جليس الله ، ثم زاد أنه في الصلاة في حال مناجاة الله ، فهو أيضا في حال قرب على قرب ، كنور على نور ، كان الأولى أن يستعيذ هنا بالله ، وتكون استعاذته من الشيطان لأنه البعيد ، يقال : بئر شطون إذا كانت بعيدة القعر ، والبعد يقابل القرب ، فتكون استعاذته في حال قربه مما يبعده عن تلك الحالة ، فلم يكن أولى من اسم الشيطان ، ثم نعته بالرجيم ، وهو فعيل ، فأما بمعنى المفعول فيكون معناه من الشيطان المرجوم ، يعني بالشهب ، وهي الأنوار المحرقة ، والصلاة نور ، ورجمه الله بالأنوار ، فكانت الصلاة مما تعطي بعد الشيطان من العبد ، وإن كان بمعنى الفاعل فهو لما يرجم به قلب العبد من الخواطر المذمومة واللمات السيئة والوسوسة ، ولهذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا قام يصلي من الليل وكبر تكبيرة الإحرام ، قال : [الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا والحمد لله كثيرا والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا وسبحان الله بكرة وأصيلا وسبحان الله بكرة وأصيلا ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه] قال ابن عباس : همزه ما يوسوسه في الصلاة ، ونفثه الشعر ، ونفخه الذي يلقيه من الشبه في الصلاة ، يعني السهو. ولهذا قال النبي صلىاللهعليهوسلم : إن سجود السهو ترغيم للشيطان ، فوجب على المصلي أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم بخالص من قلبه ، يطلب بذلك عصمة ربه ، ولما لم يعرف المصلي بما يأتيه الشيطان من الخواطر السيئة في صلاته والوسوسة لم يتمكن أن يعين له ما يدفعها به ، فجاء بالاسم الله الجامع لمعاني الأسماء ، إذ كان في قوة هذا الاسم حقيقة كل اسم دافع في مقابلة كل خاطر ينبغي أن يدفع.
(إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠) وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ