أمر الله وإيثارا لجناب الله ومن كل ما ينبغي أن يمال عنه عن أمر الله (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) مطلق الشرك المعفو عنه والمذموم فيما نسب إليه من قوله في الكوكب هذا ربي ، فإن من مقام إبراهيم عليهالسلام أنه أوتي الحجة على قومه بتوحيد الله.
(شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٢١)
(اجْتَباهُ) فهو مجتبى (وَهَداهُ) أي وفقه بما أبان له (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو صراط الرب الذي ورد في قول هود (إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) والشكر هو الثناء على الله بما يكون منه خاصة ، لصفة هو عليها من حيث ما هو مشكور ، ولا يصح الشكر إلا على النعم ، فالشاكرون من العباد هم الذين يشكرون الله على مسمى النعمة خاصة.
(وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (١٢٢)
لما كان الصلاح من خصائص العبودية ، وذكر تعالى عن أنبيائه أنهم من الصالحين ، ذكر عن إبراهيم الخليل (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) من أجل الثلاثة الأمور التي صدرت منه في الدنيا ، وهي قوله عن زوجته سارة : إنها أخته ، بتأويل ، وقوله : إني سقيم ، اعتذارا ، وقوله : بل فعله كبيرهم ، إقامة حجة ، فبهذه الثلاثة يعتذر يوم القيامة للناس إذا سألوه أن يسأل ربه فتح باب الشفاعة ، فلهذا ذكر صلاحه في الآخرة إذ لم يؤاخذه بذلك.
(ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٢٣) إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٢٤) ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (١٢٥)