الأقلام وصريفها في الألواح ، فأعطت من النغمات المستلذة ما أداه إلى ما ذكرناه من سريان الحال فيه وحكمه عليه ، فتقوى بذلك الحال ، وأعطاه الله في نفسه علما علم به ما لم يكن يعلمه قبل ذلك ، عن وحي من حيث لا يدري وجهته ، فطلب الإذن في الرؤية بالدخول على الحق ، فسمع صوتا يشبه صوت أبي بكر وهو يقول له : «يا محمد قف إن ربك يصلي» فراعه ذلك الخطاب وقال في نفسه : أربي يصلي؟!! فلما وقع في نفسه هذا التعجب من هذا الخطاب ، وأنس بصوت أبي بكر الصديق ، تلي عليه (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) فعلم عند ذلك ما هو المراد بصلاة الحق ، فلما فرغ من الصلاة وأوحى الله إليه في تلك الوقفة ما أوحى ، أمره بالدخول فدخل ، فرأى عين ما علم لا غير وما تغيرت عليه صورة اعتقاده ، ثم فرض عليه في جملة ما أوحى به إليه خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فنزل حتى وصل إلى موسى عليهالسلام ، فسأله موسى عما قيل له وما فرض عليه ، فأجابه وقال إن الله فرض على أمتي خمسين صلاة في كل يوم وليلة ، فقال له : يا محمد قد تقدمت إلى هذا الأمر قبلك وعرفته ذوقا وتعبت مع أمتي فيه ، وإني أنصحك فإن أمتك لا تطيق ذلك ، فراجع ربك وسله التخفيف ، فراجع ربه فترك له عشرا ، فأخبر موسى بما ترك له ربه ، فقال له موسى : راجع ربك ، فراجعه فترك له عشرا ، فأخبر موسى ، فقال له : راجع ربك ، فراجعه فترك له عشرا ، فأخبر موسى ، فقال له : راجع ربك ، فراجعه فترك له عشرا ، فأخبر موسى ، فقال له : راجع ربك ، فراجعه ، فقال له ربه : هي خمس وهي خمسون ، ما يبدل القول لدي. فأخبر موسى ، فقال : راجع ربك. فقال : إني أستحي من ربي وقد قال لي كذا وكذا ، ثم ودعه وانصرف ونزل إلى الأرض قبل طلوع الفجر ، فنزل بالحجر فطاف ومشى إلى بيته ، فلما أصبح ذكر ذلك للناس ، فالمؤمن به صدقه وغير المؤمن به كذبه والشاكّ ارتاب فيه ، ثم أخبرهم بحديث القافلة وبالشخص الذي كان يتوضأ ، وإذا بالقافلة قد وصلت كما قال ، فسألوا الشخص فأخبرهم بقلب القدح كما أخبرهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسأله من حضره من المكذبين ممن رأى بيت المقدس أن يصفه لهم ـ ولم يكن رأى منه صلىاللهعليهوسلم ، إلا قدر ما مشى فيه وحيث صلى ـ فرفعه الله له حتى نظر إليه ، فأخذ ينعته الحاضرين ، فما أنكروا من نعته شيئا ، فكان قوله تعالى (لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا) أي ليريه ما أودع من الآيات والحقائق فيما أبدع من الخلائق ، فأراه الله من الآيات ما زاده علما بالله