الخامسة ، فاستفتح وقال وقيل له ، فإذا بهارون ويحيى عليهماالسلام ، فسلما عليه ورحبا به وسهلا ، ثم عرج به إلى السماء السادسة ، فاستفتح وقال وقيل له ففتحت ، وإذا بموسى عليهالسلام فسلم عليه ورحب وسهل ، ثم عرج به إلى السماء السابعة ، فاستفتح وقال وقيل له ففتحت ، فإذا بإبراهيم الخليل عليهالسلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، فسلم عليه ورحب وسهل وسمى له البيت المعمور الضراح ، فنظر إليه وركع فيه ركعتين ، وأعلمنا أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك من الباب الواحد ويخرجون من الباب الآخر ، وأخبره أن أولئك الملائكة يخلقهم الله كل يوم من قطرات ماء الحياة التي تسقط من جبريل حين ينتفض كما ينتفض الطائر عند ما يخرج من انغماسه في نهر الحياة ، فإن له كل يوم غمسة فيه ، ثم عرج به إلى سدرة المنته ، فإذا نبقها كالقلال وورقها كآذان الفيلة ، فرآها وقد غشاها الله من النور ما غشى ، فلا يستطيع أحد أن ينعتها لأن البصر لا يدركها لنورها ، ورأى يخرج من أصلها أربعة أنهار : نهران ظاهران ونهران باطنان ، فأخبره جبريل أن النهرين الظاهرين النيل والفرات ، والنهرين الباطنين نهران يمشيان إلى الجنة ، وأن هذين النهرين النيل والفرات يرجعان يوم القيامة إلى الجنة ، وهما نهرا العسل واللبن ، ـ وفي الجنة أربعة أنهار نهر من ماء غير آسن ، ونهر من لبن لم يتغير طعمه ، ونهر من خمر لذة للشاربين ، ونهر من عسل مصفى ـ وأخبره أن أعمال بني آدم تنتهي إلى تلك السدرة ، وأنها مقر الأرواح ، فهي نهاية لما ينزل مما هو فوقها ونهاية لما يعرج إليها مما هو دونها ، وبها مقام جبريل عليهالسلام وهناك منصته ، فنزل صلىاللهعليهوسلم عن البراق بها وجيء إليه بالرفرف ـ وهو نظير المحفة عندنا ـ فقعد عليه وسلمه جبريل إلى الملك النازل بالرفرف ، فسأله الصحبة ليأنس به ، فقال : لا أقدر لو خطوت خطوة احترقت ، فما منا إلا له مقام معلوم ، وما أسرى الله بك يا محمد إلا ليريك من آياته ، فلا تغفل. فودعه وانصرف على الرفرف مع ذلك الملك يمشي به ، إلى أن ظهر لمستوى سمع منه صريف القلم ، والأقلام في الألواح بما يكتب الله بها مما يجريه في خلقه وما تنسخه الملائكة من أعمال عباده ، وكل قلم ملك ، قال تعالى : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ثم زج في النور زجة فأفرده الملك الذي كان معه وتأخر عنه ، فاستوحش لما لم يره ، وبقي لا يدري ما يصنع ، وأخذه هيمان في ذلك النور ، وأصابه الوجد فأخذ يميل ذات اليمين وذات الشمال ، واستفزعه الحال وكان سببه سماع إيقاع تلك