اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) (٩٧)
(وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ) فالكل بيده وإلى الله يرجع الأمر كله (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) هذه الآية تدل على أن النار محسوسة بلا شك ، فإن النار ما تتصف بهذا الوصف إلا من كون قيامها بالأجسام ، لأن حقيقة النار لا تقبل هذا الوصف من حيث ذاتها ولا الزيادة ولا النقص ، وإنما هو الجسم المحرق بالنار وهو الذي يسجّر بالنارية ، وإن حملنا هذه الآية على الوجه الآخر قلنا : قوله تعالى (كُلَّما خَبَتْ) يعني النار المسلطة على أجسامهم ، أي كلما سكن لهيبها (زِدْناهُمْ) يعني المعذبين (سَعِيراً) بتبديل الجلود ، فإنه لم يقل زدناها ، ومعنى ذلك أن العذاب ينقلب إلى بواطنهم وهو أشد العذاب ، العذاب الحسي يشغلهم عن العذاب المعنوي ، فإذا خبت النار في ظواهرهم ووجدوا الراحة من حيث أجسامهم ، فإن من رحمة الله بأهل النار في أيام عذابهم خمود النار عنهم ، سلّط الله عليهم في بواطنهم التفكر فيما كانوا فرطوا فيه من الأمور التي لو عملوا بها لنالوا السعادة ، وتسلط عليهم الوهم بسلطانه ، فيتوهمون عذابا أشد مما كانوا فيه ، فيكون عذابهم بذلك التوهم في نفوسهم أشد من حلول العذاب بتسلط النار المحسوسة على أجسامهم.
(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ