الذي تطلبه الحقيقة الداعية إلى الدعاء ، فيقول الغريق : يا غياث ، والجائع : يا رزاق ، والمذنب : يا غفار ، يا غفور ، وكذلك في جميع الأسماء ، فافهم ما أشرنا به إليك ، فإنه باب عظيم نافع ـ بحث في الأسماء الإلهية ـ الأسماء الإلهية وإن دلت على ذات واحدة ، فإنها تتميز في أنفسها من طريقين : الواحد من اختلاف ألفاظها ، والثاني من اختلاف معانيها وإن تقاربت غاية القرب وتشابهت غاية الشبه ، وأسماء المقابلة في غاية البعد ، فلا بد من مراعاة حكم ما تدل عليه من المعاني ، وبهذا يتميز العالم من الجاهل ، وما أتى الحق بها متعددة إلا لمراعاة ما تدل عليه من المعاني ، قال تعالى (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) وليس سوى الحضرات الإلهية التي تطلبها وتعيّنها أحكام الممكنات ، والحضرة الإلهية وهي الاسم الله هي الحضرة الجامعة للحضرات كلها ، لأنه لما كان في قوة الاسم الله بالوضع الأول كل اسم إلهي ، بل كل اسم أثر في الكون يكون عن مسماه ، ناب مناب كل اسم لله تعالى ، فإذا قال قائل : يا الله ، فانظر في حالة القائل التي بعثته على هذا النداء ، وانظر أي اسم إلهي يختص بتلك الحال ، فذلك الاسم الخاص هو الذي يناديه هذا الداعي بقوله : يا الله ، لأن الاسم الله بالوضع الأول إنما مسماه ذات الحق عينها ، التي بيدها ملكوت كل شيء ، فلهذا ناب الاسم الدال عليها على الخصوص مناب كل اسم إلهي ، ويتضمن هذا الاسم أسماء التنزيه ـ وإن كان كل اسم إلهي بهذه المثابة من حيث دلالته على ذات الحق جل جلاله وعز في سلطانه ـ لكن لما كان ما عدا الاسم الله من الأسماء مع دلالته على ذات الحق يدل على معنى آخر من سلب أو إثبات بما فيه من الاشتقاق ، لم يقو في أحدية الدلالة على الذات قوة هذا الاسم ، كالرحمن وغيره من الأسماء الإلهية الحسنى ، وإن كان قد ورد قوله تعالى آمرا نبيه صلىاللهعليهوسلم (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فالضمير في «له» يعود على المدعو به تعالى ، فإن المسمى الأصلي الزائد على الاشتقاق ليس إلا عينا واحدة ، ثم إن الله تعالى قد عصم هذا الاسم العلم أن يسمى به أحد غير ذات الحق جل جلاله ، ولهذا قال الله عزوجل في معرض الحجة على من نسب الألوهة إلى غير هذا المسمى (قُلْ سَمُّوهُمْ) فبهت الذي قيل له ذلك ، فإنه لو سماه سماه بغير الاسم الله ، وأما ما فيه من الجمعية ، فإن مدلولات الأسماء الزائدة على مفهوم الذات مختلفة كثيرة ، وما بأيدينا اسم مخلص علم للذات سوى هذا الاسم الله ، فالاسم الله يدل على الذات بحكم المطابقة كالأسماء الأعلام على