ذلك ولد الصلب ، فليس له تعالى ولد ولا تبنى أحدا ، فنفى عنه الولد من الجهتين ، لما ادعت طائفة من اليهود والنصارى أنهم أبناء الله ، وأرادوا التبني ، فإنهم عالمون بآبائهم ، وقالوا في المسيح : إنه ابن الله ، إذ لم يعرفوا له أبا ولا تكوّن عن أب (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ) وقيد تعالى التكبير عن الشريك في الملك لا في الإيجاد ، لأن الله تعالى أوجد الأشياء على ضربين : ضرب أوجده بوجود أسبابه ، وضرب أوجده بلا سبب ، وهو إيجاد أعيان الأسباب الأول ، ولما كان السبب من الملك لم يثبت الشريك في الملك ، ولهذا قيد التكبير عن الشريك في الملك ، وهو كل ما سوى الله ، وقد ثبت شرعا وعقلا أن الله تعالى أحدي المرتبة ، فلا إله إلا هو وحده لا شريك له في الملك ، فما هو مثل الشريك في الملك ، فإن ذلك منفي على الإطلاق ، لأنه في نفس الأمر منفي العين (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ) أي ناصر من أجل الذل ، فإن الولي موجود العين ، وهو ينصر الله ابتغاء القربة إليه والتحبب ، عسى يصطفيه ويدنيه ، لا لذل ناله فينصره على من أذله ، أو ينصره لضعفه تعالى ، فأمرنا أن نكبره أن يكون له ولي من الذل ، فقيد بقوله تعالى (مِنَ الذُّلِّ) لأنه تعالى يقول (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ) فما نصرناه من ذل وهو سبحانه الناصر ، وقد قال تعالى (كُونُوا أَنْصارَ اللهِ) والناصر هو الولي ، فلهذا قيده ، فإذا كبرته عن الولي فاعلم عن أي ولي تكبره (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) عن هذين الوصفين ، فإذا كبرت ربك فكبره كما كبر نفسه ، تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، وهم الذين يكبرونه عما لم يكبر نفسه ، في قوله : يفرح بتوبة عبده ، ويتبشش إلى من جاء إلى بيته ، ويباهي ملائكته بأهل الموقف ، ويقول : جعت فلم تطعمني ، فأنزل نفسه منزلة عبده ، فإن كبرته بأن تنزهه عن هذه المواطن فلم تكبره بتكبيره ، بل أكذبته ، فهؤلاء هم الظالمون على الحقيقة ، فليس تكبيره إلا ما يكبر به نفسه ، فقف عند حدّك ولا تحكم على ربك بعقلك ـ بحث في الحمد ـ قال الله تعالى آمرا (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) اعلم أن الحمد والمحامد هي عواقب الثناء ، ولهذا يكون آخرا في الأمور ، كما ورد أن آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ، وقوله صلىاللهعليهوسلم في الحمد : إنها تملأ الميزان ، أي هي آخر ما يجعل في الميزان ، وذلك لأن التحميد يأتي عقيب الأمور ، ففي السراء يقول : [الحمد لله المنعم المفضل] وفي الضراء يقال : [الحمد لله على كل حال] والحمد هو الثناء على الله ، وهو على قسمين ، ثناء عليه بما هو له ، كالثناء بالتسبيح