.................................................................................................
______________________________________________________
أن للمنع الشرعي مجالا آخر ، فتأمل.
هذا بعض الكلام في ماهية الحق ، وامتيازه ثبوتا عن الحكم والملك.
وأمّا الفارق الإثباتي فمنوط بالفحص التام عن دليل كل واحد من الأمور المعدودة من الحقوق سواء أكانت تأسيسية أم إمضائية.
وقد يقال في ضابطه : إنّ دليل التشريع إن كان متكفلا لإثبات شيء من عين أو فعل على المخاطب كان ظاهرا في الحكم ، كقوله تعالى شأنه وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (١) ، وقوله عزّ من قائل وَلِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً (٢). وإن كان متكفلا لإثبات شيء كذلك له كان ظاهرا في الحق ، مثل ما ورد في مملكية الحيازة من قول أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين : «للعين ما رأت ، ولليد ما أخذت» (٣) ، فإنّ العين المباحة الأصلية المقصودة ب «ما» الموصولة حمل المكلف عليها ، وصارت تحت يده. ونحوه ما ورد في الخيارات ، كقول الصادق عليه السّلام في رواية الحلبي : «في الحيوان كله شرط ثلاثة أيام للمشتري» (٤) ، وما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ، قال : «قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : البيّعان بالخيار حتى يفترقا» (٥).
ولكنه لا يخلو من غموض ، إذ المثبت له إن كان عينا كان ظاهر اللام ملكيتها للحائز وليست حقّا مصطلحا. وإن كان معنى كان أعم من الحق ، لاحتمال كونه حكما ، إذ لا فرق بين قولنا : «للمغبون حلّ العقد» و«لزيد شرب الماء» مع أنّ مدلول الأول حق ، والثاني حكم. وعليه فمجرد كون لسان الدليل إثبات شيء للمكلف لا يدلّ على أن المجعول حق.
فالإنصاف أنه لم يحرّر الى الآن ضابط إثباتي للحق والحكم ، وإن كان الفرق بينهما ثبوتا من الواضحات ، فتمييزهما في مقام الإثبات لا بدّ وأن يكون بالنظر إلى خصوصيات
__________________
(١) البقرة ، الآية : ٢٣٣.
(٢) آل عمران ، الآية : ٩٧.
(٣) الكافي ، ج ٦ ، ص ٢٢٣ ، كتاب الصيد ، باب صيد الطيور الأهلية ، الحديث : ٦.
(٤) وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٣٤٩ ، الباب ٣ من أبواب الخيار ، الحديث : ١.
(٥) وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٣٤٥ ، الباب ١ من أبواب الخيار ، الحديث : ١.