.................................................................................................
______________________________________________________
وبالجملة : فلا سبيل إلى إثبات حجية الروايات المزبورة.
إلاّ أن يدّعى : أنّ سياق عباراتهم يدل على استنادهم إلى هذه الروايات ، لتعبيرهم بما عبّر به فيها. وان كان هذا مخدوشا أيضا ، لإمكان كون مستندهم رواية معتبرة سندا مع كون متنها مثل متن المرسلتين ، فاقتبس الأصحاب من تلك الرواية لا من هاتين الروايتين ، فلا يحصل الوثوق باستنادهم إليهما.
كما لا وجه لحجية الإجماع المدعى في المقام بعد احتمال مدركيته ، إذ من المحتمل استناد المجمعين الى الروايات المزبورة ، فلا يصح الاستناد إلى شيء من الروايات والإجماع.
نعم يمكن الاستناد إلى السيرة العقلائية الحاكمة باختصاص من سبق الى ما يشترك فيه غيره ـ كالمباحات الأصلية ونحوها ـ بذلك المشترك ، بحيث يرى العقلاء نحو اختصاص للسابق بذلك الشيء ، بل هذا مركوز في الحيوانات أيضا ، والشارع لم يردع عن هذه السيرة ، فهي حجة.
كما يمكن أن يكون مستندهم مرسلة ابن أبي عمير ، ولا يقدح إرسالها ، لما يظهر من الأصحاب من تسالمهم على العمل بمراسيله ، لقول النجاشي : «أصحابنا يسكنون إلى مراسيله» (١). ولقول الشيخ في حقه وحق آخرين من أصحاب الإجماع في بحث تعارض الرواية المسندة مع المرسلة : «وإذا كان أحد الراويين مسندا والآخر مرسلا نظر في حال المرسل ، فان كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره ، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمد ابن أبي نصر وغيرهم من الثقات الّذين عرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به وبين ما أسنده غيرهم ، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم» (٢).
وكذا عدّ الكشي جمعا من أصحاب أبي إبراهيم وأبي الحسن الرضا عليهما السّلام ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم والانقياد لهم والإقرار لهم بالفقه ، ومنهم ابن أبي
__________________
(١) رجال النجاشي ، ص ٢٢٩.
(٢) عدة الأصول ، ج ١ ، ص ٣٨٦ و ٣٨٧.