«مبادلة (١) مال بمال» (٢).
______________________________________________________
(١) فالبيع اسم للمبادلة التي هي الملتزم بها ، لا للعقد الذي هو نفس الالتزامين المرتبطين ، ومن المعلوم مغايرة الالتزام للملتزم به ، لكون الثاني نتيجة للأوّل ، فإطلاق البيع على العقد مجاز بعلاقة التسبيب ، كما تقدم في كلام المصباح بقوله : «ثم أطلق على العقد مجازا».
(٢) قد تقدم آنفا كلام ابن الأثير في معنى المال ، ونحوه عبارة مجمع البحرين ، لكن فسّره في القاموس بأنّ «المال ما ملكته من كلّ شيء» (١) ويحتمل التعميم لغير الأعيان ، من المنافع والحقوق ، فيكون مخالفا لمن خصّه بالأعيان ، كما يحتمل إرادة عدم اختصاص المال بالذهب والفضة ، وشموله لكل عين متموّلة ، بلا نظر إلى إطلاقه على المنافع ، وعلى هذا الاحتمال الثاني لا يختلف معنى «المال» بحسب اللغة ، لكون «الأعيان» هي القدر المتيقن من «المال».
ثم إنّ مقتضى الجمود على تعريف المصباح اعتبار عينية كلا العوضين في صدق مفهوم البيع.
لكن الظاهر إطلاق المال على ما هو أعم من الأعيان ، وصدقه على المنافع أيضا. ولو لم يكن المال حقيقة في الأعم فلا أقل من استقرار اصطلاح الفقهاء عليه ، كما يظهر بمراجعة كلماتهم ، ولذا حكم المصنف قدسسره بجواز وقوع المنافع عوضا في البيع ، وهو كاشف عن إطلاق المال عليها حقيقة كإطلاقه على الأعيان المتمولة. وكذا لا ريب في كون الإجارة من نواقل الملك ، مع أنّ العوضين أو أحدهما من المنافع.
نعم تفترق الإجارة عن البيع من جهة المتعلق ، فالبيع تمليك عين بعوض ، والإجارة تمليك منفعة كذلك. وسيأتي في المتن اعتبار عينية المبيع (*).
__________________
(*) بقيت أمور تتعلق بتعريف المصباح :
الأوّل : أنّ المبادلة بين المالين قد تكون خارجية بحسب المكان والزمان ونحوهما كجعل شيء مكان آخر كتبديل ثوب برداء ، وقد تكون اعتبارية. ولما كان البيع من نواقل الملك تعيّن إرادة المبادلة الاعتبارية في الإضافة القائمة بالمالين ، لما أفيد من أنّها من سنخ
__________________
(١) القاموس المحيط ، ج ٤ ، ص ٥٢.