.................................................................................................
______________________________________________________
وإن لم يتصدّ لذلك جاز لغيره ـ بل وجب عليه كفاية ـ القيام به.
وبالجملة : فالسبق في الحقوق كالأهمية في تزاحم الواجبات ، فكما أنّ تقديم الأهم هناك ليس من باب الحق في شيء ، فكذلك السبق في باب الحقوق ، فإنّه لا يوجب حقّا للسابق حتى يصير المكان متعلّقا لحقّه ، ويندرج دفع الغير له عن ذلك المكان ـ وإشغاله له ـ في الغصب ، وتكون صلاة المزاحم الدافع للسابق من صغريات مسألة الاجتماع ، لصيرورة المكان حينئذ مغصوبا ، إذ لا فرق في المغصوب بين كون الرقبة مال الغير وبين كونها متعلّقة لحق الغير كحقي الرهانة والتحجير ، فيكون هنا أمر متعلق بطبيعي الصلاة ، ونهي متعلق بطبيعي الغصب ، وتكون الصلاة مندرجة تحت هذين العنوانين ، فبناء على الاجتماع ـ بمعنى صغروية المورد لكبرى التزاحم لتعدد المتعلق وكون التركيب انضماميا ـ تصحّ الصلاة في وجه. وبناء على الامتناع ـ لوحدة المتعلق ، لكون التركيب اتحاديا ـ لا تصح الصلاة ، لكون مسألة الاجتماع حينئذ من صغريات النهي في العبادة.
فالمتحصل : أن المراد بالأحقّية في الروايات ـ بعد البناء على اعتبارها ـ يحتمل أن يكون اختصاص السابق في استيفاء الحق المشترك بين السابق وبين سائر أفراد الموقوف عليهم الثابت لهم بالوقف ، فالسبق يوجب هذا الاختصاص.
كما يحتمل أن يراد به الحق المصطلح ، بأن يكون السبق موجبا لتعيّن مصداق كلّيّ الموقوف عليه في السابق ما دام شاغلا للمكان أو غير معرض عنه ، كتعين مصداق كلّي المالك في الخمس والزكاة وغيرهما من الجهات العامة بالقبض ، فإنّ الكلّي لا يتعيّن إلاّ به. وقد عرفت بعد هذا الاحتمال ، وعدم الالتزام بكثير من آثار الحق من الانتقال والنقل.
وإذا شكّ في كون السبق موجبا للحق ودار أمر تقديم السابق على غيره بين الحكم والحق فالأثر المشترك ـ وهو سقوطه بالاعراض ـ يترتب عليه قطعا. وأمّا جواز النقل الاختياري مع العوض وبدونه فلا يترتب عليه ، للشك في القابلية العرفية ، إذ لو كان حكما لم يقبل النقل أصلا كما هو ظاهر ، فلا وجه للتمسك بأدلة العقود الجائزة لإثبات جوازه. وكذا الحال في الانتقال القهري ، فلا يترتب عليه ، لكونه من الآثار المختصة بالحق.