.................................................................................................
__________________
مقام الثبوت ، بداهة أنّ البيع تبديل شيء بشيء في جهة الإضافة ، ومن الضروري أنّه يستحيل تحقق التبديل بين شيئين إلّا أن ينتقل كل منهما إلى محلّ الآخر في آن واحد وفي مرتبة واحدة. وعليه فلا يعقل وجود التمليك من ناحية البائع ، إلّا في آن وجود التمليك من ناحية المشتري .. وإذن فلا أصالة ولا تبعية في المقام ..» (١).
وأنت خبير بأنّ المراد بتبعية تمليك المشتري لتملّكه هنا هو كون التمليك الشرائي من لوازم التملك الشرائي ، بحيث لا يحتاج إلى جعل على حدة ، ولذا يصح قصد التملك من المشتري وإن لم يلتفت إلى لازمه وهو التمليك حتى يقصده ، فالإصالة والتبعية ملحوظتان في نفس مفهومي البيع والشراء. فالقبول إن كان بلفظ : «قبلت» لم يكن لتقديمه معنى صحيح ، بعد وضوح ترتب مفهوم القبول على مفهوم الإيجاب. نعم إن كان بلفظ آخر يفيد التمليك بالأصالة كان إيجابا لا قبولا.
بل يمكن دعوى عدم الوجه في اعتبار التمليك التبعي في الشراء أيضا ، بدعوى : أنّ البيع هو الإيجاب والقبول ، وليس حقيقة القبول إلّا إمضاء تمليك البائع ، فالعقد هو التمليك والتملّك ، وهما موضوعان لحكم الشارع أو العقلاء بالملكية ، فلا يرد عليه ما في التقرير المزبور من : «أنّه إن سلّمنا التمليك فلا يندفع الإشكال ، لإطلاق إنشاء التمليك على التمليك الضمني ، فنقض تعريف البيع وارد عليه».
وأما ما أفاده من : «أن معنى البيع يقتضي تحقق التبديل بينهما في رتبة واحدة ..» ففيه : أنّ المراد بالتبديل هو التبديل الإنشائي القائم بالبائع ، ومن المعلوم أنّ بدلية كلّ من المالين عن الآخر تحصل في رتبة واحدة بنفس هذا الإنشاء ، لكنه لا يجدي بنفسه في ترتب الأثر وهو
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ٦٠ و ٦١ ، ونحوه ما في حاشية المكاسب للمحقق الأصفهاني ، ج ١ ، ص ١٧ ، وحاشية المكاسب للمحقق الايرواني ، ج ١ ، ص ٧٤