من المصدر (١) ـ الذي (٢) يراد من قول القائل : «بعت» عند الإنشاء ـ لا يستعمل (٣) حقيقة إلّا فيما (٤) كان صحيحا مؤثّرا ولو في نظرهم ، ثمّ إذا كان مؤثّرا في نظر الشارع
______________________________________________________
(١) المراد بالمصدر هو «إنشاء تمليك عين بمال» وهذا مختار المصنف في تعريف البيع. والمراد بحاصل المصدر هو الملكية والانتقال المترتبان على الإنشاء ، فإذا أنشأ البائع فقد حصلت الملكية به في اعتبار نفسه ، وكذا بنظر العرف ، وإن لم تحصل بنظر الشارع.
(٢) صفة للمصدر ، يعني : أنّ المراد من قول البائع : «بعت» هو المعنى المصدري.
(٣) خبر قوله : «ان البيع» يعني : أنّ ما يستعمل فيه لفظ «البيع» هو الملكية المنشئة المؤثّرة ـ بنظر العرف ـ في انتقال إضافة العوضين ، فإذا لم يترتب عليها أثر كان استعمال البيع فيها مجازا.
(٤) المراد بالموصول هو التمليك ، والمقصود بالتمليك الصحيح هو المؤثّر ، فالبيع مستعمل حقيقة في النقل المؤثّر ، فما ليس بمؤثّر ليس بصحيح. لكن التأثير قد يكون بنظر العرف دون الشرع ، فإن اعتبر العرف الملكية كان البيع متصفا بالصحة عنده ، وإن اعتبرها الشرع كان صحيحا بنظره ، فلا منافاة بين وضع ألفاظ المعاملات لخصوص الصحيح ، وبين اختلاف العرف والشرع في المصداق.
وبالجملة : أنّ إيجاب البائع يتضمن أمورا ثلاثة :
الأوّل : نفس الإنشاء والتمليك الذي هو معنى البيع المصدري.
الثاني : الملكيّة في اعتبار نفس البائع ، حيث إنّه يعتبر تبادل إضافة العوضين من كلّ منهما الى الآخر.
الثالث : تأثير هذا الاعتبار في حكم العرف والشرع بترتب الانتقال على الإنشاء.
والأمران الأوّلان متحققان في كل إنشاء صادر بداعي الجدّ. ولكن الأمر الثالث قد يتخلّف ، فإن كان اعتبار الموجب مؤثّرا ـ أي واجدا للشرائط العرفية ـ كان ذلك بيعا صحيحا ، وإلّا كان فاسدا نظير إيجاب الهازل ، فإنّه يعتبر الملكية ، لكن العرف لا يراه مؤثّرا.