كان لهما ذلك ، لأنّ الملك لم يحصل لهما. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة : يكون بيعا صحيحا وإن لم يوجد الإيجاب والقبول ، وقال ذلك في المحقرات دون غيرها. دليلنا : أنّ العقد حكم شرعي ، ولا دلالة في الشرع على وجوده هنا ، فيجب أن لا يثبت (١). وأمّا الإباحة (٢) بذلك فهو مجمع عليه لا يختلف العلماء فيها» (١) انتهى.
ولا يخفى (٣) صراحة هذا الكلام في عدم حصول الملك (٤) ، وفي أنّ محل الخلاف بينه وبين أبي حنيفة ما لو قصد البيع ، لا الإباحة المجردة (٥) ، كما يظهر أيضا من بعض كتب الحنفية ، حيث إنّه ـ بعد تفسير البيع بمبادلة مال بمال ـ قال : «وينعقد بالإيجاب والقبول والتعاطي».
______________________________________________________
(١) للاستصحاب.
(٢) يعني : أنّ مقتضى عدم ثبوت العقد الشرعي عدم ترتب شيء من الملك والإباحة على المعاطاة ، لانتفاء السبب المؤثر. ولكن الالتزام بالإباحة إنّما هو لدليل تعبدي ، وهو الإجماع على تأثير التعاطي في إباحة التصرفات.
(٣) غرضه وفاء عبارة الخلاف بأمرين :
أحدهما : عدم حصول الملك ، وبه يضعف تأويل المحقق الثاني للإباحة المذكورة في كلام الأصحاب بالملك.
ثانيهما : كون مورد الأقوال خصوص المعاطاة المقصود بها التمليك ، وبه يضعف ما أفاده الجواهر من جعل مورد النزاع المعاطاة المقصود بها الإباحة.
(٤) فلا وجه مع هذه الصراحة لتأويل المحقق الكركي الإباحة بالملك المتزلزل.
(٥) فلا يبقى وجه لما نسبه إلى الجواهر من جعل محل النزاع المعاطاة المقصود بها الإباحة لا التمليك.
__________________
(١) الخلاف ، ج ٣ ، ص ٤١ ، المسألة : ٥٩.