وقال في الغنية ـ بعد ذكر الإيجاب والقبول في عداد شروط صحة انعقاد البيع كالتراضي ومعلوميّة العوضين ، وبعد بيان الاحتراز بكلّ من الشروط عن المعاملة الفاقدة له ـ ما هذا لفظه : «واعتبرنا حصول الإيجاب والقبول تحرّزا عن القول بانعقاده بالاستدعاء من المشتري والإيجاب من البائع ، بأن يقول : بعنيه بألف ، فيقول : بعتك بألف ، فإنّه لا ينعقد بذلك ، بل لا بدّ أن يقول المشتري بعد ذلك : اشتريت أو قبلت ، حتى ينعقد. واحترازا أيضا (١) عن القول بانعقاده بالمعاطاة ، نحو أن يدفع إلى البقلي قطعة ويقول : أعطني بقلا ، فيعطيه ، فأنّ ذلك ليس ببيع ، وإنّما هو إباحة للتصرف. يدل على ما قلناه الإجماع المشار إليه (٢). وأيضا (٣) فما اعتبرناه مجمع على صحة العقد به ، وليس على صحة ما عداه دليل. ولما ذكرنا (٤) نهى صلىاللهعليهوآلهوسلم
______________________________________________________
قصد التمليك منه.
وتقريب وجه المنافاة هو : أنّه في صورة قصد البيع ـ مع فرض عدم ترتّب الأثر عليه ـ لا معنى لنفي كونه من العقود الفاسدة ، إذ لا معنى للفساد إلّا عدم ترتب الأثر المقصود عليه ، هذا.
ووجه عدم المنافاة : أنّ الفساد من حيثية البيع لا ينافي الصحة من الحيثية الأخرى ، فلا منافاة بين فساد البيع من حيث البيعية ، وصحته من حيث الإباحة. فليس مقصود السرائر نفي الصحة مطلقا ، بل الصحة من حيث البيعية ، فلا مانع من كونه صحيحا بلحاظ إفادته الإباحة ، وهذا معنى ما ذكرناه من كون المعاطاة برزخا بين العقد اللفظي والغصب.
(١) يعني : كما احترزنا عن انعقاد البيع بالاستدعاء.
(٢) لم يصرّح السيد ابن زهرة قدسسره بالإجماع على عدم بيعية المعاطاة حتى يشير إليه ، ولعل مراده ما ذكره في أول البيع من شرطية الإيجاب والقبول ، بلا نقل خلاف فيه.
(٣) يعني : كما تحقّق ـ الإجماع على إفادة الإباحة ، كذلك على نفي بيعية المعاطاة المقصود بها الملك.
(٤) أي : ولاعتبار الإيجاب والقبول اللفظيين نهى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع المنابذة.