إذ (١) الإباحة إن كانت من المالك فالمفروض أنّه لم يصدر منه إلّا التمليك (٢) ،
______________________________________________________
بعد ـ بل منع ـ حمل الرضا بالتصرف على أنّ الشارع حكم بترتب الإباحة على المعاطاة تعبدا من باب إعمال مولويّته ، ولم يمض إذن المالك المبيح بتصرف الآخذ فيما أخذه.
فالنتيجة : أنّه ـ بعد بطلان إرادة الإباحة المالكية والتعبدية في كلمات المشهور ـ يتعين الالتزام بترتب الملك الجائز على المعاطاة طبقا لقصد المتعاطيين. وهذا هو الذي استظهره المحقق الثاني من عبارات القوم.
وأما تأييد المناقشة المتقدمة فبيانه : أنّه لا بدّ أن يريد المشهور بقولهم : «المعاطاة تفيد الإباحة» الملك. وذلك لأنّهم حكموا بجواز تصرف المتعاطيين مطلقا فيما يأخذانه ، سواء أكان ذلك التصرف منوطا بالملك ، كالبيع والوقف والعتق ونحوها ، أم لم يكن منوطا به ، كجواز أكل المارّة من ثمرة الشجرة الممرور بها ، وكجواز الأكل من بيوت من تضمّنته الآية المباركة من الأقارب.
ووجه التأييد واضح ، فإنّ تجويز أنحاء التصرفات المخصوصة بالمالك ـ ومن يقوم مقامه ـ يتوقف على صيرورة المتعاطيين مالكين لما يأخذانه ، وإلّا لزم مخالفة حكم الشارع في قوله عليهالسلام : «لا بيع إلّا في ملك» ونحوه. ولو كان مقصودهم من الإباحة ظاهرها ـ لا الملك ـ كان عليهم تقييد جواز التصرف بأن يقولوا : «إنّ المعاطاة تفيد إباحة خصوص التصرفات غير المتوقفة على الملك» فإطلاق الجواز كاشف عن إرادة الملك.
وأمّا وجه التعبير بالتأييد فسيأتي.
(١) تعليل لقوله : «فلا منشأ لإباحة التصرف» وهذا وجه بطلان ترتب الإباحة على المعاطاة ، وقد أوضحناه بقولنا : «فإن أرادوا ترتب الإباحة المالكية على المعاطاة اتجه عليهم .. إلخ».
(٢) ومن المعلوم أنّ التمليك مضادّ للإباحة ، وليست الإباحة من مراتب الملك ، فإنّ حقيقة الإباحة هي الإذن في التصرف في ملك الغير ، وهي غير إباحة التصرف للمالك في ملكه لقاعدة السلطنة.