.................................................................................................
__________________
على ذلك. مضافا الى أن المشهور بين القدماء هو القول بالإباحة ، فلا شهرة على إفادة الملك حتى يدعى استنادهم الى حديث السلطنة كي ينجبر ضعفه سندا (١).
لكنه غير ظاهر. أما بحسب الكبرى فلأنّ المدّعى حصول الوثوق بالصدور تكوينا من عمل المشهور برواية ضعيفة ، وموضوع دليل حجية الخبر الواحد هو الخبر المفيد للوثوق به سواء أكان خبريا أو مخبريا. والدليل على اعتبار الشهرة إنما يحتاج إليه لو كان الترجيح بها تعبديا ولو لم تكن مفيدة للوثوق ، فيقال : إنّ المرجحية فرع الحجية.
ولا فرق في حصول هذا الوثوق العقلائي بين الجهل بحال رواة الحديث ، والجرح فيهم ، وعدم معرفتهم رأسا كما في المرسلات ، لما عرفت من أنّ مناط الحجية هو الوثوق.
وأمّا النقض بجبر ضعف الدلالة فهو كما ترى قياس مع الفارق ، لأنّ الدلالة عبارة عن ظهور اللفظ في المعنى ، ولا بد من إحراز هذا الظهور بالوجدان لكلّ من يريد الأخذ بالكلام والاحتجاج به ، إذ لو لم يكن ظاهرا كان من المجمل الذي لا يكون حجة عند العقلاء ، ولذا قيل :
إنّ المجمل والمبيّن من الأمور الإضافية ، إذ ربما يكون لفظ ظاهرا في معنى عند شخص ، وغير ظاهر فيه عند آخر.
وعليه فكون لفظ ظاهرا عند شخص أو جماعة لا يوجب حجيته عند من لا يرى اللفظ ظاهرا في المقصود ، لعدم بناء العقلاء ـ الذي هو دليل حجية الظواهر ـ على حجية كلام لا ظاهر له بنظر شخص وإن كان له ظاهر بنظر غيره.
وهذا بخلاف الصدور ، فإنّ العمل ممّن له تثبّت وخبرة بكلام يكشف عن صدوره من متكلمه ، ويكون العمل محرزا لصدوره بنحو يوثق به ، والمفروض أن الوثوق بالصدور هو مناط الحجية. ولو فرض كون العمل في مقام موجبا للظهور العرفي بنظر شخص آخر لم نضايق في حجيته.
وبالجملة : الظهور مترتب على دلالة تصورية لمفردات الجملة الكلامية ، وتصديقية
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ٢ ، ص ١٠٠.