.................................................................................................
__________________
والصيغة الملحونة أمكن دفع الشك بهذا الحديث ، فإنّ أصل البيع وكيفية إنشائه تصرّف في المال ، مشروع بمقتضى جعل السلطنة. ويستفاد عمومه لجميع التصرفات من حذف المتعلق وهو التصرف ، إذ السلطنة التشريعية على الأموال كناية عن السلطنة على التصرف فيها ، وحذف المتعلق يفيد العموم ، فيدل الحديث على إمضاء جميع الأسباب المتداولة عند العرف ، كدلالة آية حلّ البيع على إمضاء البيوع العرفية.
ومال إلى هذا الوجه السيّدان صاحبا البلغة والعروة قدسسرهما. بل هو ظاهر استدلال صاحب الجواهر قدسسره على مشروعية المعاطاة المقصود بها الإباحة مع التصريح بها ولو بالقرائن ، حيث قال : «لعموم تسلط الناس على أموالهم» (١). بل هو مقتضى كلام المصنف قدسسره في أوّل تنبيهات المعاطاة : «وحيث إن المناسب لهذا القول التمسك في مشروعيته بعموم : أنّ الناس مسلّطون على أموالهم كان مقتضى القاعدة نفي شرطية غير ما ثبتت شرطيته».
الثاني : أنّ الحديث في مقام تشريع أنحاء التصرفات كمّا ـ لا كيفا ـ فللمالك السلطنة على بيع ماله وإجارته وهبته والصلح عليه ونحوها ، فلو شكّ في مشروعيّة الهبة ـ مثلا ـ جاز التمسك لإثباتها بالحديث. ولكن لو شكّ في اعتبار صيغة خاصة فيها أو حصولها بالتعاطي لم يكن الحديث متكفّلا لهذه الجهة لعدم كونه في مقام تشريع الأسباب وتنفيذها. وهذا الوجه هو مختار المصنف قدسسره هنا.
الثالث : أنّ الحديث في مقام بيان سلطنة المالك ـ بما هو مالك ـ على التصرفات المشروعة في أمواله في مقابل الحجر ، فالمالك غير محجور عن التصرف في ماله ، فليس الحديث في مقام تشريع السلطنة لا كمّا ولا كيفا ، حتى يتمسك به لرفع الشك في أصل جواز تصرّف خاص في المال ولا في كيفية وقوعه ، بل لا بد من إحراز مشروعية التصرفات وأسبابها بوجه آخر ، ويقتصر مدلول الحديث على إثبات استقلال المالك في تصرّفاته المشروعة ، وعدم توقفها على إجازة الغير. مثلا إذا شكّ في استقلال الزوجة في هبة شيء من مالها كان الحديث دالّا على استقلالها وعدم توقف هبتها على إمضاء الزوج. وأمّا إذا شك في أنّ للمالك
__________________
(١) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢١٨.