.................................................................................................
__________________
فالمالك مسلّط عليه ، ولا معنى لسلطنته عليه إلّا جوازه ونفوذه شرعا. وبيانه : أنّ هنا أمورا ينبغي الالتفات إليها :
أحدها : أنّ السلطنة تشريعية لا تكوينية.
ثانيها : ظهور السلطنة في الوضع ، لعدم السلطنة على التكليف الشرعي كما هو واضح ، فلسلطنة المالك على التصرف في ماله عبارة عن نفوذ تصرفاته في ماله وإمضائها.
ثالثها : أنّ الأصل في الكلام التأسيس لا التأكيد ، فإنّه خلاف الأصل ، فيقدّم عليه عند الدوران بينهما.
رابعها : أنّ حذف المتعلّق يفيد العموم كما في مثل قوله عليهالسلام : «الماء يطهّر ، ولا يطهّر» إلّا إذا كان هناك قرينة على خلافه.
إذا تحققت هذه الأمور كان مقتضاها الإطلاق كمّا وكيفا ، إذ لا قرينة على إرادة تصرف خاص من متعلق السلطنة ، وحذفه يفيد العموم ، وحمله على خصوص الأنواع دون أسبابها ـ كما عليه المصنف هنا ـ بلا قرينة ، بل الحذف والتأسيس قرينتان على العموم ، إذ لو حمل على خصوص الأنواع ـ دون أصناف كل منها ـ لزم كون الحديث مؤكّدا لا مؤسّسا. ومن المعلوم أنّ نقل المال الى شخص بالمعاطاة أو بغيرها ممّا يراه المالك سببا للنقل تصرف في ماله ، وهو ـ بمقتضى عموم الحديث ـ مسلّط على هذا التصرف ، ومنع المالك عنه ينافي عموم السلطنة.
وبعبارة اخرى : أنّ منع الإطلاق في الحديث يوجب انسداد باب التمسك بالإطلاق ، ومجرّد احتمال الإهمال لا يقتضي رفع اليد عن ظاهر الكلام الذي هو كاف في إحرازه ، من دون حاجة الى الإحراز القطعي الموجب لانسداد باب الإطلاق. ومن المعلوم أنّ إطلاق السلطنة يشمل جميع أنحائها حتى إخراج المال عن ملكه كابقائه ، إذ لا فرق ـ في نظر العقلاء ـ في السلطنة على المال بين الإبقاء والإخراج ولو بالإعراض ، ضرورة كون كل منهما من حصص السلطنة التي موضوعها إضافة المال الى المالك ، والإخراج يتعلق بهذه الإضافة ، وفي الرتبة المتأخرة تزول الإضافة. نظير العتق والوقف ، فإنّهما يتعلقان بهذه الإضافة مع انعدامها في الرتبة المتأخرة.