وإباحة (١) هذه التصرفات إنّما تستلزم الملك
______________________________________________________
الملكية ثابتة من جهة قيام الإجماع على إباحة مطلق التصرف حتى المتوقف على الملك ، وهو كاشف عن حصول الملكية بمجرد العقد اللفظي. وأمّا في البيع المعاطاتي فلا دليل على هذه الملازمة ، بل صرّح بعض الفقهاء بالتفكيك بينهما ، فقال بإباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك ، وبعدم إفادة المعاطاة للملك ، وتتوقّف الملكية على تلف إحدى العينين. ومع هذا التصريح كيف تتجه دعوى الملازمة الشرعية بين حلية التصرفات المترتبة على البيع وبين الملك من أوّل الأمر؟
نعم لا مناص من الالتزام بالملكية الآنامائيّة إذا أراد أحد المتعاطيين أن يتصرّف في المأخوذ بالمعاطاة ـ بما يتوقف على الملك ، جمعا بين الأدلة ، ولكن هذه الملكية الآنيّة أجنبية عن المدّعى وهو تأثير المعاطاة في الملك من أوّل الأمر.
وقد تحصل مما ذكرنا : قصور دلالة الآيتين الكريمتين على إثبات مملكية المعاطاة على حدّ البيع القولي.
(١) هذا إشارة إلى توهم ودفعه ـ وقد اتّضحا مما ذكرناه ـ أمّا التوهم فحاصله : أنّ الآيتين وإن لم تدلّا مطابقة على الملك ، لكنهما تدلّان عليه التزاما ، إذ الإباحة المطلقة تقتضي حصول الملك من أوّل الأمر ، لوجود الملازمة بينهما كما في غير مقامنا من البيوع القولية ، حيث إنّه يحصل الملك في البيع القولي من حين العقد بلا إشكال ، فوزان البيع المعاطاتي وزان البيع القولي في استكشاف الملكية ـ من أوّل الأمر ـ من إباحة التصرفات حتى المتوقفة على الملك ، للملازمة الشرعية بين الإباحة المطلقة وبين الملك كذلك. فتحقق اللّازم أي الملك من أوّل الأمر في البيع المعاطاتي ، وهو المطلوب.
وأمّا الدفع فحاصله : أنّ القياس مع الفارق ، بداهة كون الملازمة بين إباحة التصرفات وبين الملكية من أوّل الأمر ـ في البيع اللفظي ـ شرعية ، لا عقلية وعادية حتى يتعدّى من موردها وهو البيع القولي إلى المعاطاتي.
والوجه في كون الملازمة شرعية : أنّ الدليل على حصول الملكية من حين العقد هو الإجماع على عدم انفكاك الملك عن العقد المفيد لإباحة جميع التصرفات في العوضين ، ومن المعلوم اختصاص هذه الملازمة بالبيع القولي الذي هو المقيس عليه.