الأخماس (١)
______________________________________________________
لأنّ المنسوب إلى القدماء وإن كان إفادة المعاطاة للإباحة المجرّدة عن الملك ، إلّا أنّهم قالوا بحصول الملك عند تلف إحدى العينين أو كلتيهما. وعلى هذا فالعين الباقية بحالها عند أحد المتعاطيين تصير ملكا له بمجرد تلف الأخرى عند الآخر ، أو تصرفه فيها.
مثلا إذ تعاطى زيد وعمرو جنسا زكويا كالحنطة والشعير بمائة دينار ، واجتمعت شرائط وجوب الزكاة في الحنطة والشعير ، فإنّهما تدخلان في ملك عمرو بمجرّد تصرّف زيد في الدنانير ، وعليه فإذا حكم الشارع على عمرو بوجوب إخراج زكاتهما لم يستلزم تأسيس قاعدة جديدة وهي إخراج الزكاة من المباح لا الملك ، بل كان وجوب الزكاة مترتبا على الملك ، لفرض دخولهما في ملكه بمجرد تصرف زيد في الدنانير.
قلت : مبنى هذا الاستبعاد هو بقاء العين وعدم تصرف الآخر أو الشك فيه ، إذ هنا صور ثلاث :
الأولى : العلم بتصرف زيد في الثمن أو العلم بتلفه.
الثانية : العلم بعدم تصرفه في الثمن أصلا والعلم ببقائه.
الثالثة : الشك في تصرّفه فيه وفي بقائه وتلفه. وتأسيس قاعدة جديدة يبتني على الصورتين الأخيرتين ، ضرورة أنّه مع العلم بعدم تصرف زيد في الثمن أو الشك فيه ـ وكذا مع العلم ببقائه ـ تكون الحنطة والشعير مباحة لعمرو وليستا ملكا له ، ومع ذلك يجب عليه إخراج الزكاة ، فثبت ما استغربه الفقيه كاشف الغطاء قدسسره من ترتيب حكم الملك ـ وهو وجوب إخراج الزكاة ـ على غير الملك.
(١) هذا هو المورد الأوّل من الموارد الأحد عشر ، وتوضيحه : أنّه إذا كان المأخوذ بالمعاطاة فاضلا عن مئونة سنته بأن بقي على حاله من دون أن يتصرّف فيه إلى أن مضت السّنة عليه ، فإنّه يجب عليه أداء خمسه ، مع أنّه ليس بملك له ، وإنّما أبيح له التصرف فيه. فيلزم تأسيس قاعدة جديدة ، وهي : عدم اختصاص وجوب الخمس بما يملكه الإنسان ويفضل عن مئونته ، بل يعمّ كل ما في يده سواء أكان ملكا أم مباحا ، وهو غريب.