.................................................................................................
__________________
للاستقاء قد حكي أن العلامة في القواعد وموضع من التذكرة ، والمحقق الثاني في جامع المقاصد اختارا المنع.
ومنها : قوله : «بل للرضاع بمعنى الانتفاع بلبنها وإن لم يكن منها فعل ..» إذ فيه : أنّ الانتفاع تارة يكون بنحو الارتضاع ، فتصير المرأة كالدار وغيرها من الأعيان ذوات المنافع ، في مقابل الإرضاع ، الذي تكون الإجارة له كإجارة العامل للعمل. واخرى لا يكون بنحو الارتضاع ، بأن يحلب في إناء ليشربه الطفل ، كحلب لبن البقر والشاة في إناء ليشرب. والإجارة صحيحة في الأولى دون الثانية ، لكون اللّبن بعد الحلب كالخبز وغيره من الأعيان التي لا يجوز استيجارها ، لتلفها بالانتفاع بها ، فلا يجوز إجارة الخبز للأكل ، واللبن للشرب ، والحطب والشمع للإشعال.
وعليه فلا بد من تقييد الانتفاع باللبن بأن يكون بنحو الارتضاع كما هو الحال في التقام الطفل ثدي المرأة وامتصاصه ، الذي هو استيفاء لمنفعة المرأة مع بقاء عينها ، كاستيفاء سكنى الدار مع بقائها على حالها. فمجرد إطلاق الانتفاع باللبن لا يصحّح الإجارة ، لصدق التبعية للعين على اللبن ما دام في الثدي وكونه منفعة لها ، وعدم صدقها على اللبن المحلوب في الإناء ، وكذا على الثمرة المقتطفة من الشجرة ، مع أنّ الإجارة تتعلق بالعين ذات المنفعة ، ولا بدّ من بقاء العين التي تعلقت الإجارة بها ، وعدم تلفها بالاستيفاء.
ولعلّ ما عن جامع المقاصد ـ من تعليل بطلان الإجارة للرضاع «بأنّ الإجارة مشروعة لنقل المنافع لا الأعيان ، واللّبن من الثانية» بل قيل : انّه يظهر من محكي التذكرة : «الإجماع على الفساد فيه ، وأنّه يتم على قول المخالفين من أنّ الإجارة قد تكون لنقل الأعيان» ـ ناظر إلى اللبن المنفصل عنها بالحلب في إناء ثم شرب الطفل منه ، لا إلى صورة امتصاص المرتضع ثدي المرضعة ، لصدق تبعية اللبن للمرأة ، فلا مانع من استئجار المرأة لذلك ، لأنّها حينئذ بمنزلة الدار ونحوها من الأعيان ذوات المنافع ، ولذا يكون الارتضاع مغايرا حكما لشرب لبن المرأة من الإناء ، لانتشار الحرمة بالأوّل دون الثاني. ولو كانت الشاة كذلك جاز استيجارها للانتفاع بها