.................................................................................................
__________________
ثانيهما : ما يقابل العين من الحيثية القائمة بها التي تستوفى تارة ولا تستوفى اخرى ، كالسكنى القائمة بالدار ، والاستظلال القائم بالأشجار ، والتنزّه القائم بالبستان ، ونحو ذلك من الحيثيات القائمة بالأعيان.
ولا ينبغي الإشكال في تعلق الإجارة بالمنفعة بهذا المعنى ، وإلّا لكانت جلّ الأعيان ـ بل كلّها ـ منافع ، وجازت إجارة الحيوانات لتملّك نتاجها ، والجارية لتملك ولدها ، ضرورة كونها منافع لامّهاتها ، لتولدها منها ، فإنّ الولد واللّبن والثمرة والسّخال ونحوها ـ ممّا يتكوّن من الأعيان ـ أعيان في أنفسها ومنافع لغيرها ، فالبيع الذي هو تمليك الأعيان يوجب نقلها ، والإجارة التي هي تمليك المنافع توجب نقل الحيثيات القائمة بها ، فكما لا يصح تمليك الدار والدكان بلفظ الإجارة فكذلك لا يصح تمليك الثمرة واللّبن ونحوهما ممّا يتكوّن من الأعيان بلفظ الإجارة.
ومنها : قوله : «كما في إجارة الحمّام المستلزم لإهراق الماء» إذ فيه : أن ظاهره كون الماء منفعة للحمّام ، كاللّبن والثمرة اللّذين هما منفعتا الشاة والشجرة. وهو كما ترى ، لعدم صدق المنفعة ـ بشيء من معنييها المتقدمين ـ على الماء. أمّا معناها الأوّل فواضح ، لعدم تكوّن الماء من الحمّام ليكون كاللّبن المتكوّن من الشاة.
وأمّا معناها الثاني فلعدم كون الماء عرضا قائما بالحمّام وحيثيّة عارضة له ، كسائر منافع الأعيان التي هي أعراض قائمة بمعروضاتها. بل الماء جوهر قائم بنفسه ، وليس عرضا متقوما بغيره ، فلا يعدّ منفعة للحمّام ، فجعل ماء الحمّام كلبن الشاة وثمر الشجرة في غير محله ، لصدق المنفعة بمعناها الأوّل عليهما ، بخلاف ماء الحمّام ، فإنّه لا يصدق عليه المنفعة بشيء من معنييها ، هذا.
ومنها : قوله : «فإنّ الإجارة في جميع ذلك صحيحة» إذ فيه : أن ظاهره التسالم أو الشهرة على صحة الإجارة في الجميع ، مع عدم كونه كذلك ، إذ المشهور ـ كما قيل ـ المنع عن إجارة الشاة للبنها. وفي إجارة الشجرة للثمرة قيل بعدم الخلاف في فسادها. وفي استيجار البئر