وقد تقدّم (١) دعوى الإجماع من الغنية على عدم كونها بيعا (٢) ،
______________________________________________________
المنهي عنه ، وعدمه ، فالقائل بالاقتضاء يلزمه القول بالفساد ، إلّا أن يقول إنّ عقد البيع لا يستلزم لفظا مخصوصا ، بل كلّ ما يدل على الانتقال فهو عقد ، ثم قال : «وإذا تقرّر هذا فلا إشكال على شيخنا دام ظله ـ وهو المحقق الحلّي ـ لأنّ النهي عنده في المعاملات لا يقتضي الفساد ، ولا للبيع لفظ مخصوص. بل يشكل على الشيخين ، لأنّهما يخالفانه في المسألتين» (١).
والشاهد في الجملة الأخيرة ، حيث إنه نسب ـ جازما ـ إلى الشيخ المفيد والطوسي قدسسرهما اعتبار لفظ مخصوص في عقد البيع ، فيكون مختار الشيخ المفيد ما هو المشهور من اعتبار الصيغة المخصوصة في انعقاد البيع ، وليست المعاطاة بيعا.
ولعلّ إسناد كاشف الرموز اعتبار اللفظ المخصوص في البيع الى المفيد قدسسره يكون لأجل اعتبار التقابض بعد قوله : «وينعقد البيع» إذ لا معنى لشرطية التقابض للمعاطاة ، لأنّ حقيقتها التقابض ، ولا معنى لكون شيء شرطا لنفسه ، فلا بد أن يراد بالبيع بقوله : «وينعقد البيع» خصوص القولي. وعليه فمورد كلام الشيخ المفيد هو البيع اللفظي ، لا الأعم منه ومن الفعلي ، ولا خصوص الفعلي حتى يقال : إنّه قائل باللزوم ، ومخالف للمجمعين القائلين بعدم لزوم المعاطاة.
(١) غرضه قدسسره من الإشارة إلى كلام السيد ابن زهرة قدسسره تأييد ما ادعاه بقوله : «بل لم يوجد به قائل إلى زمان بعض متأخري المتأخرين» وهذا معاضد ثان للإجماع المنقول الذي ادّعاه بعض الأساطين ، فليس ذلك إجماعا منقولا بخبر الواحد حتى يرمى بعدم الاعتبار ، بل هو إجماع متضافر النقل.
(٢) حيث قال في عبارته المنقولة عند نقل الأقوال في المعاطاة : «واحترازا أيضا عن القول بانعقاده بالمعاطاة .. فإنّ ذلك ليس ببيع. يدلّ على ما قلناه الإجماع المشار إليه». (٢)
__________________
(١) كشف الرموز ، ج ١ ، ص ٤٤٥ و ٤٤٦.
(٢) غنية النزوع ، ص ٥٢٤ (الجوامع الفقهية).