.................................................................................................
______________________________________________________
خياطة ثوب ، بأن يقول البائع : «بعتك كتابي بخياطة هذا الثوب» وقبله المشتري. وفي صحة هذا البيع وجهان أحدهما الصحة ، والآخر البطلان.
ووجه الأوّل : انطباق تعريف البيع عليه ، إذ المراد بالمال كل ما يتنافس العقلاء عليه ويبذلون بإزائه شيئا ، عينا أم منفعة أم عمل حرّ أم خدمة عبد ، ومن الواضح صدق المال على عمل الحرّ كخياطته ونجارته سواء وقعت معاوضة عليه أم لم تقع ، فالمناط كون العمل في حدّ نفسه مما يرغب فيه النوع. ولولاه لزم بطلان إجارة عمل الحرّ ، لوضوح اعتبار مالية المنفعة في باب الإجارة أيضا ، مع أنّه لا ريب في صحتها. ومن المعلوم أن وزان الإجارة وزان البيع في مبادلة الأموال ، غايته أن هذا يفيد تمليك الأعيان ، وتلك تفيد تمليك المنافع.
ووجه الثاني : ـ وهو البطلان ـ احتمال اعتبار مالية العوضين ـ في حدّ ذاتهما ـ قبل ورود البيع عليهما ، لظهور تعريف المصباح في وقوع المبادلة بين شيئين اتّصفا بالمالية مع الغض عن المعاوضة ، ومن المعلوم أن عمل الحرّ ـ قبل المعاوضة عليه بإجارة أو صلح ـ ليس مالا ، بل ماليته تتوقف على المعاوضة عليه ، فالخيّاط بمجرد معرفته بالخياطة ليس ذا مال ، وإنّما يصير كذلك إذا ملّك عمله للغير بعوض.
ويكشف عن عدم مالية عمل الحرّ ـ في حد ذاته ـ ما ذكروه في مسائل :
الأولى : في الاستطاعة المالية للحج ، حيث لا يعدّ الكسوب المحترف مستطيعا من ناحية كسبه وصنعته ، وتتوقف استطاعته المالية على أن يؤجر نفسه للغير ـ قبل الحج ـ بما يفي بمئونة حجه ، فلو خرج مع الرّفقة ولا يجد ما يحجّ به لا يجب عليه أن يؤجر نفسه في الطريق بما يكفي لنفقته ، لأنّه تحصيل للاستطاعة ، ومن المعلوم عدم وجوب تحصيلها. ولو كان نفس عمل الحر وصنعته مالا ـ سواء آجر نفسه للغير أم لا ـ لكان مستطيعا قبل الإجارة وواجدا لما يحجّ به ، ووجب عليه إجارة نفسه مقدمة لأداء الحج الواجب عليه.