.................................................................................................
__________________
حبس الحرّ ظلما اعتداء عليه وعقاب وسيئة ، فيجوز المقاصّة والعقاب بمثل ما عوقب به (١). هذا.
لكن الظاهر أنّ الحكم الوضعي ـ أعني به الضمان ـ أجنبي عن مساق الآيات ، لكون العقاب بالمثل عبارة عن إيجاد عمل مماثل لما عوقب به ، ومن المعلوم أنّ العقاب بالمثل هو الحبس ونحوه من الاعتداء الذي وقع عليه.
إلّا أن يقال : بصحة إطلاق العقاب والسيّئة على كلّ من الحرمة الوضعية والتكليفية ، لأن كلّا منهما سيّئة واعتداء ، وعليه فالحابس ضامن ، لكون ضمانه مماثلا لحبسه.
الثاني : ما في كلامه أيضا من الاستناد إلى قاعدة نفي الضرر ، فإنّ تفويت المنفعة بلا تدارك ضرر منفيّ في الشريعة المقدّسة ، وهو أيضا مفروض فيما إذا كان الضرر مسبّبا عن الحبس ، كتسبب الضرر عن استعمال الماء في الوضوء.
إلّا أن يقال : إنّ المقام من عدم النفع ، لا الضرر الذي هو النقص ، فلا يصح التمسك بقاعدة الضرر لإثبات الضمان.
وأمّا منع جريانها في أمثال المقام بدعوى : «أنّها نافية للأحكام التي ينشأ منها الضرر كوجوب الوضوء ولزوم العقد ، وعدم الضمان ليس حكما شرعيا حتى تجري فيه القاعدة» فغير مسموع ، لأنّ العدم غير القابل للرفع بالقاعدة هو العدم الواقعي كعدم الوجوب وعدم الحرمة ، لانتفاء الجعل الشرعي ، وأمّا عدم الحكم إنشاء كأن يقول الشارع : «لا يجب أو لا يحرم» فهو لكونه مجعولا شرعيا تجري فيه الأحكام الثانوية ، لوضوح كون الأعدام بعد التشريع مجعولة ولو بالإمضاء ، فإبقاء الشارع لها جعلها بقاء لا إخبار ببقاء الأعدام الواقعية على حالها كما زعمه بعض. وهذا المقدار من الجعل كاف في نفيها بالقاعدة الامتنانية التي تقتضي حكومتها تقييد إطلاق كل ما يصح أن ينسب الى الشارع. ومن المعلوم أنّ الحكم بعدم ضمان المنافع الفائتة في الحبس ضرر على الحرّ الكسوب الذي لو لا حبسه لكان يعوّضها بالمال.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ١٠ ، ص ٥١٣.