.................................................................................................
__________________
وعليه فالشبهة المانعة عن جريان القاعدة هنا هو كون الفائت منفعة ، ولا يصدق «النقص» الذي هو المناط في جريانها.
وإن أمكن الخدشة فيه باختلاف الموارد ، فقد يكون المحبوس ثريّا بحيث يعدّ الفائت منه مدة حبسه منفعة ، ولا يبدو نقص في أمواله أصلا. وقد لا يكون كذلك ، بل عليه العمل في كل يوم لإعاشة عياله بحيث يلزمه الاستدانة مدة حبسه للإنفاق عليهم ، فإنّه لا ريب في صدق النقص عليه حينئذ ، ولا مانع من جريان القاعدة في حقه.
الثالث : قاعدة التفويت أعني بها المنع عن الوجود ، فإنّ الحبس يمنع عن وجود المنفعة ، فيضمنها الحابس. وهذا يفرض فيما لو كان فوات المنفعة مسبّبا عن الحبس ، لا عن تساهل المحبوس ، كما إذا حبسه الظالم في مكان يمكنه العمل فيه ، لكنه أهمل ولم يعمل باختياره وإرادته ، لا لمانعية الحبس عن عمله ، لأنّ التفويت إيجاد المانع عن الوجود ، وعنوان المانع لا يصدق إلّا بعد وجود المقتضي ـ وهو إرادة الوجود ـ إذ العدم يستند إلى أسبق علله أعني به عدم المقتضي ، لا إلى وجود المانع ، ولذا لا يصحّ أن يستند عدم احتراق الثوب مثلا إلى الرطوبة مع عدم وجود النار ، بل يستند إلى عدم المقتضي له كما لا يخفى.
وقد ظهر أنّ المناط في ضمان المنافع الفائتة هو صدق التفويت أي المنع عن الوجود ، في قبال قاعدتي الاستيفاء الذي هو استخراج المنافع من القوة إلى الفعل ، والإتلاف الذي هو إعدام الموجود ، هذا.
ولا يخفى أنّهم عبّروا ـ في قبال فوت منافعه في الحبس ـ تارة بالانتفاع كما في الشرائع ، واخرى بالاستخدام كما في الإرشاد ، وثالثة بالاستعمال كما في شرحه للمحقق الأردبيلي (١) ، ورابعة بالاستيفاء كما في التذكرة ، والكل صحيح.
لكن في عبارة التذكرة مسامحة ، حيث قال : «منفعة الحرّ تضمن بالتفويت لا بالفوات ..» (٢) ثم فسّر التفويت بالاستيفاء والاستعمال ، والفوات بمجرد عدم تحقق المنفعة.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ١٠ ، ص ٥١٣.
(٢) تذكرة الفقهاء ، ج ٢ ، ص ٣٨٢.