في قواعده (١) الإبراء مردّدا بين الإسقاط والتمليك.
والحاصل (٢) : أنه يعقل أن يكون مالكا لما في ذمّته ، فيؤثّر
______________________________________________________
وغرض المصنف تأييد ما ذكره ـ في جواب صاحب الجواهر قدسسره ـ من أن مالكية المديون لما في ذمة نفسه آنا ما وسقوط الدين بعده ليست محالا بل ممكنة ، فإنّ الشهيد قدسسره جعل إبراء الدائن لما يملكه في ذمة مديونه مردّدا بين كونه إسقاطا لما في ذمته ابتداء ، أو تمليكا له ، ثم سقوط الدين عن الذمة في الآن الثاني. ولو لم يكن أصل تملك المديون لما في ذمة نفسه ممكنا لم يكن وجه لهذا الترديد ، إذ لا يعقل الترديد بين ما هو ممتنع وما هو ممكن ، فالترديد بين شيئين كاشف عن إمكان كليهما ، وعدم كونهما من المحالات. وعليه فبيع الدين من المديون يفيد الملكية آنا ما فيسقط ، وليس أثر البيع هو السقوط من أوّل الأمر كما زعمه صاحب الجواهر قدسسره حتى يكون إسقاط الحق مثل بيع الدين.
(١) ذكر الشهيد ذلك في قاعدة عنونها بقوله : «قد تردّد الشيء بين أصلين يختلف الحكم فيه بحسب دليل الأصلين ، منه الإقالة .. ومن المتردّد بين الأصلين : الإبراء ، هل هو إسقاط أو تمليك؟» (١).
(٢) هذا تقرير آخر لما أفاده من عدم جواز جعل القسم الثاني من الحقوق ثمنا في البيع ، وجواز بيع الدين ممن هو عليه ، توضيحه : أنّ الفرق بين الحق والملك ينشأ من مغايرتهما جوهرا وذاتا ، ولذا يترتب عليه استحالة انتقال الحق ممّن له الحق الى من هو عليه ، وإمكان مالكية الإنسان لما في ذمة نفسه آنا ما.
والدليل على الفرق ما أفاده بقوله : «والسّر» وبيانه : أنّ هذا القسم من الحقوق نوع من أنواع السلطنة الاعتبارية ، وهذا المبدأ لا يتعدى بنفسه بل بحرف الاستعلاء ، كما ورد في النبوي : «الناس مسلطون على أموالهم» ومقتضى هذه التعدية تقوّم السلطنة بطرفين ، أحدهما سلطان والآخر مسلّط عليه ، وهما متقابلان يستحيل اجتماعهما في شخص واحد.
__________________
(١) القواعد والفوائد ، ج ١ ، ص ٢٩١ ، رقم القاعدة : ١٠٢.