.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى هذا فلو صحّ وقوع مثل حق الخيار عوضا في البيع بأن ينتقل الى من عليه الخيار لزم كون شخص واحد مجمعا لعنوانين متقابلين «وهما المسلّط والمسلّط عليه» واستحالته من الواضحات. مثلا : حقّ الخيار سلطنة على من عليه الحق بحلّ عقده ، كما إذا تبايع زيد وعمرو دارا بألف دينار ، وشرط زيد لنفسه الخيار ، أي السلطنة على إقرار العقد وفسخه ، فإذا اشترى من عمرو كتابا وجعل ثمنه الخيار ـ الثابت له في بيع الدار بالألف ـ لزم صيرورة عمرو ـ وهو من عليه الحق ـ مجمعا لعنوانين متقابلين آنا ما أي كونه من له الحق ومن عليه الحق ، أو السلطان والمسلّط عليه ، وقد تقرّر استحالة اجتماع المتقابلين في واحد شخصي ولو في لحظة واحدة.
وهكذا الكلام في حق الشفعة ، إذ مناط الاستحالة في المقام كون هذا الحق سلطنة ، والسلطنة بحسب طبعها تقوم بطرفين ، ويمتنع قيامها بواحد ولو آنا ما.
وهذا بخلاف الملكية ، فإنّها تتعدّى بنفسها الى المملوك ، ولا تتعدى بحرف الاستعلاء ، فيقال : «ملك زيد الدار» فهي إضافة اعتبارية ـ لا مقولية ـ وعلاقة يعتبرها العقلاء والشارع بين المالك والمملوك ، ولا يتوقف وجودها في وعاء الاعتبار على قيام المبدأ ـ أي الملكية ـ بشيء آخر يكون هو المملوك عليه. وحيث كانت الملكية ربطا ونسبة صحّ اعتبارها في شخص واحد بأن يكون هو من له الملك ومن عليه الملك ـ أي مالكا ومملوكا.
وعليه لا مانع من مالكية الإنسان لما في ذمة نفسه ، لتحقق المغايرة المعتبرة بين المالك والمملوك ، لكون المالك نفسه ، والمملوك المال الذي في ذمته ، وهما متغايران.
وبهذا البيان يظهر غموض تنظير صاحب الجواهر «أعلى الله مقامه» جواز جعل الحق ـ القابل للإسقاط عوضا في البيع ـ ببيع الدين لمن هو عليه. لما عرفت من أنّه يعتبر في البيع حصول التمليك من الطرفين سواء أكان مستمرا أم زائلا كما في بيع الدين للمديون ، وهذا التمليك الآنيّ لا يتحقق في نقل الحق إلى من عليه الحق ، لاستحالة اجتماع المتقابلين ولو آنا ما ، فإنّ اجتماع المسلّط والمسلّط عليه في شخص واحد يرجع الى التناقض وهو كونه سلطانا وغير سلطان ، وهو كما ترى.