والمراد بقوله : «آية» هي اقتراب الساعة ، فإن انشقاق القمر من آياته ، وقد رأوه (١) وكذبوا فإن يروا غيرها أيضا يعرضون ، أو آية (٢) النبوة فإنه معجزة. أما كونه معجزة ففي غاية الظهور ، وأما كونه آية فلأن منكر خراب العالم ينكر انشقاق السماء ، وانفطارها ، وكل كوكب ، فإذا انشق بعضها كان ذلك مخالفا لقوله بجواز خراب العالم (٣) والمراد بهؤلاء القائلين المعرضين هم الكفار. والتنكير في قوله (آية) للتعظيم أي آية قوية أو عظيمة يعرضوا.
قال أبو حيان : ومعنى مستمر أي يشبه بعضه بعضا أي اشتهرت أفعاله على هذا الحال (٤). وهذا راجع إلى الدوام المتقدم. وأتى بهذه الجملة الشرطية تنبيها على أن حالهم في المستقبل كحالهم في الماضي.
وقرىء : يروا مبنيّا للمفعول من أرى (٥).
قوله : (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) أي كذبوا النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وما عاينوه من قدرة الله عزوجل ، واتبعوا ما زين لهم الشيطان من الباطل وكذبوا بالآية وهي انشقاق القمر ، (وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) في أنه سحر القمر ، وأنه خسوف في القمر ، وظهور شيء في جانب آخر من الجو يشبه نصف القمر ، وأنه سحر أعيننا والقمر لم يصبه شيء ، فهذه أهواؤهم.
قوله : (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) العامة على كسر القاف ، ورفع الراء اسم فاعل ، ورفعه خبرا «لكل» الواقع مبتدأ. وقرأ شيبة بفتح القاف وتروى عن نافع (٦).
قال أبو حاتم : لا وجه لها ، وقد وجهها غيره على حذف مضاف أي وكل أمر ذو استقرار ، وزمان استقرار ، أو مكان استقرار (٧) ، فجاز أن يكون مصدرا (٨) ، وأن يكون ظرفا زمانيا أو مكانيا (٩) قال معناه الزمخشري (١٠). وقرأ أبو جعفر وزيد بن علي بكسر (١١) القاف وجر الراء. وفيها أوجه :
__________________
ـ وجاء بالبيت ليبين أن المراد من المستمر القوة والاستحكام من المره وهي القوة. وقد سبق هذا البيت أول النجم. وانظر القرطبي ١٧ / ٨٦ ، و ١٢٧ والبحر ٨ / ١٧٤ وفتح القدير ٥ / ١٢٠.
(١) في الرازي : وقد ردوا وكذبوا.
(٢) وفيه : آية الانشقاق.
(٣) انظر الرازي ١٥ / ٣٠.
(٤) في البحر : على هذا الوجه. وهو رأي نقله في كتابه فقد أقر بأن معنى مستمر دائم ، وانظر البحر ٨ / ١٧٣ و ١٧٤.
(٥) لم تتعين في المرجع السابق.
(٦) المرجع السابق وهي شاذة ولم ترو عن نافع في المتواتر.
(٧) البحر المحيط المرجع السابق والكشاف ٤ / ٣٦.
(٨) أي ميميّا من غير الثلاثي.
(٩) أو اسم مكان أو زمان ويكونان من غير الثلاثي أيضا.
(١٠) الكشاف ٤ / ٣٦.
(١١) وقد نقلها صاحب الإتحاف ٤٠٤ والبحر والكشاف المرجعان السابقان كما نقلها صاحب المحتسب ٢ / ٢٩٧.