يعني أن حذف الهمزة في الدّرج لا يكون إلا في الأفعال والمصادر.
وأما الأسماء فلا تحذف همزاتها ؛ لأنها همزات قطع.
قال شهاب الدين (١) : «وهذا الكلام أحق بأن يكون سهوا ؛ لأنا أولا لا نسلم أن هذه القراءة من حذف همزة القطع إجراء لها مجرى همزة الوصل ، وإنما ذلك من باب نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها ، وحركة الهمزة كانت كسرة ، فحركة النون حركة نقل لا حركة التقاء الساكنين».
ثم قوله : «إلا في الأفعال والمصادر» ليس هذا الحصر بصحيح اتفاقا لوجود ذلك في أسماء عشرة ليست بمصادر تقدم ذكرها في أول الكتاب.
قال ابن الخطيب (٢) : قوله : (عَلى فُرُشٍ) متعلق بما في «متّكئين» ، كأنه يقول : يتّكئون على فرش ، كما يقال : فلان اتّكأ على عصاه ، أو على فخذيه ، وهذا لأن الفراش لا يتكأ عليه ، وإن كان متعلقا بغيره فما هو؟.
فنقول : تقديره : يتفكّه الكائنون على فرش متكئين ، من غير بيان ما يتكئون عليه.
فصل في تحرير معنى الاستبرق
«الإستبرق» : ما غلظ من الدّيباج.
قال ابن مسعود ، وأبو هريرة : إذا كانت البطانة التي تلي الأرض هكذا فما ظنك بالظهارة(٣)؟.
وقيل لسعيد بن جبير : البطائن من إستبرق فما الظواهر؟.
قال : هذا مما قال الله : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)(٤) [السجدة : ١٧].
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنما وصف لكم بطائنها لتهتدي إليه قلوبكم ، فأما الظواهر فلا يعلمها إلا الله (٥).
قال القرطبي : وفي الخبر عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ظواهرها نور يتلألأ» وعن الحسن : البطائن هي الظّواهر (٦) ، وهو قول الفراء.
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٧.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ١١١.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٠٥) والحاكم (٢ / ٤٧٥) عن ابن مسعود.
وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٤) وزاد نسبته إلى الفريابي وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في «البعث».
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٠٥).
(٥) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٤).
(٦) ذكره القرطبي في تفسيره ١٧ / ١١٧.