وقال ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا رأيتم الّذين يسبّون أصحابي فقولوا : لعن الله شرّكم» (١).
وقال العوام بن حوشب : أدركت هذه الأمة يقولون : اذكروا محاسن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى تتآلف عليهم القلوب ، ولا تذكروا ما شجر بينهم فتجسروا الناس عليهم (٢).
وقال الشعبي : تفاضلت اليهود والنّصارى على الرافضة بخصلة ، سئلت اليهود : من خير أهل ملتكم؟ فقالوا : أصحاب موسى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ، وسئلت النصارى : من خير أهل ملتكم؟ فقالوا : أصحاب عيسى ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ ، وسئلت الرافضة : من شرّ أهل ملتكم؟ فقالوا : أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم ، فالسيف عليهم مسلول إلى يوم القيامة لا تقوم لهم راية ، ولا يثبت لهم قدم ، ولا تجتمع لهم كلمة ، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله بسفك دمائهم وإدحاض حجتهم ، أعاذنا الله وإياكم من الأهواء المضلّة (٣).
(وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) أي : حسدا وبغضا ، (رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ). للتبليغ فقط بخلاف قوله عزوجل : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا) [العنكبوت : ١٢] فإنها تحتمل ذلك وتحتمل العلة.
فصل
قال القرطبي رحمهالله (٤) : هذه الآية سبب التعجب من اغترار اليهود لما وعدهم المنافقون من النصر معهم مع علمهم بأنهم لا يعتقدون دينا ولا كتابا.
قال المقاتلان (٥) : يعني عبد الله بن أبيّ ابن سلول ، وعبد الله بن نبتل ، ورفاعة بن زيد ، وقيل : رفاعة بن تابوت ، وأوس بن قيظي ، كانوا من الأنصار ولكنهم نافقوا ، ومالوا ليهود قريظة والنضير.
والإخوان : هم الإخوة ، وهي هنا تحتمل وجوها (٦) :
أحدها : الأخوّة في الكفر ؛ لأن اليهود والمنافقين اشتركوا في عموم الكفر بمحمدصلىاللهعليهوسلم.
وثانيها : الأخوّة بسبب المصادقة والموالاة والمعاونة.
__________________
(١) أخرجه الخطيب في «تاريخ بغداد» (١٣ / ١٩٥) ، وابن عساكر (٦ / ٢٣١ ـ تهذيب) ، من حديث ابن عمر.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ٢٣).
(٣) ينظر القرطبي ١٨ / ٢٣.
(٤) السابق.
(٥) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥١.
(٦) السابق.