الثاني : أن اطمئنان القلب بالقول أكثر (١).
قوله : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) يجوز أن يتعلق (فِيها) ب (يَشاؤُنَ) ويجوز أن يكون حالا من الموصول (٢) ، أو من عائده (٣) والأول أولى.
فصل
ما الحكمة في أنه تعالى قال : ادخلوها بسلام على المخاطبة ، ثم قال : (لَهُمْ) ولم يقل: لكم؟
فالجواب من وجوه :
الأول : أن قوله تعالى : (ادْخُلُوها) فيه مقدر ، أي فيقال لهم ادخلوها. فلا يكون التفاتا.
الثاني : أنه التفات ، والحكمة الجمع بين الطرفين ، كأنه تعالى يقول : غير محلّ بهم في غيبتهم وحضورهم.
ففي حضورهم الحبور ، وفي غيبتهم الحور والقصور.
الثالث : أنه يجوز أن يكون قوله تعالى : (لَهُمْ) كلاما مع الملائكة ، يقول للملائكة توكلوا بخدمتهم ، واعلموا أنّ لهم ما يشاؤون فيها فأحضروا بين أيديهم ما يشاؤون ، وأما أنا فعندي ما لا يخطر ببالهم ولا تقدرون أنتم عليه (٤).
و «ال (مَزِيدٌ) يحتمل أن يكون معناه الزيادة (٥) ، كقوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] ويحتمل أن يكون بمعنى المفعول (٦) ، أي عندنا ما نزيده على ما يرجون ويأملون (٧).
قال أنس وجابر : هو النظر إلى وجه الله الكريم (٨).
قوله تعالى : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ)(٣٧)
قوله تعالى : (وَكَمْ أَهْلَكْنا) نصب (٩) بما بعده (١٠). وقدم إما لأنه استفهام ، وإما
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) وهو «ما» من «ما يَشاؤُنَ».
(٣) المحذوف وتقديره يشاؤونه وانظر التبيان ١١٧٧.
(٤) الرازي في مرجعه السابق ٢٨ / ١٨١.
(٥) فيكون مصدرا ميميا من الثّلاثيّ.
(٦) ومعنى المفعول متأتّ من قوله نزيده أي الهاء.
(٧) وقد قال بهذين الإعرابين الإمام أبو عبد الله فخر الدّين الرازي في مرجعه السابق.
(٨) القرطبي ١٧ / ٢١.
(٩) وهو كم.
(١٠) وهو أهلكنا.