جذورها من الدين ، وقد اعترف بتأثيرها على حياة البشر ثلاثة من محققي الحضارة المادية ، فها هو «الفرد وايتهد» يصف العلم والدين في كتابه العلم والعالم الحديث بأنهما من أقوى الأمور تأثيرا على حياة البشر فقال :
(عند ما نحاول التعرّف على قيمة الدين والعلم ، ونبحث عن مدى تأثيرهما على البشر لم نكن مبالغين إذا قلنا بأن مستقبل العالم يتوقف على كيفية تعامل هذا الجيل مع هذين الأمرين).
كما اعترف «داروين» في كتابه «بعد مليون سنة» بأنّ (الإنسان سيحتفظ بالعقيدة الدينية في المليون سنة المقبلة قياسا على المعهود من تاريخه القديم والحديث ، ولهذا كانت العقائد على جانب من الأهمية بالنظر إلى المستقبل ، لأن العقيدة تبعث الأمل في دوامها عند صاحبها وفي سيطرة الإنسان على مصيره بفضلها).
فالعقيدة رغم أهميتها ودورها العظيم في حياة الناس أفرادا وجماعات ، نجدها لا تحظى باهتمام الطبقات العلمية في قرننا الحاضر إلا نادرا لا سيما حوزاتنا الدينية حيث يندر فيها تدريس مادة علم الكلام بمراحله الابتدائية عدا عن المراحل العليا ، مع أن دراسته وتدريسه من أهم الواجبات الكفائية لما يترتب عليه من معرفة أصول الدين والذبّ عن شريعة سيد المرسلين وآله الطاهرين ، هذا مضافا إلى أن مكاتبنا تغص اليوم بأصناف الأبحاث والدراسات المفصلة حول الفقه والأصول والقضايا التاريخية والأدبية والاجتماعية والسياسية وغيرها مع أن أغلبها اجترار لما كتبه السابقون أو كلما جاءت أمة عقّدت ما كتبته السابقة.
فمكاتبنا وحوزاتنا بحاجة ماسة إلى تكثيف المصنفات العقائدية وتجديد صياغتها بأسلوب يفهمه الجميع ليكون المسلم على إلمام بمعارفه العقيدية فلا يغزو الشك عقله نتيجة تغييب العقيدة وعدم تسهيل فهمها وتبسيط مبانيها.
إن الجهل بمفاهيم العقيدة استتبع أن يطلّ علينا بين الفينة والأخرى من ينقد العقائد ويشكك بها كالذي حصل قبل سنين (١) ؛ وكما هو ملحوظ اليوم على ساحتنا الاسلامية بشكل عام والشيعية بوجه خاص حيث حاول بعضهم التجريح بمعتقدات هي معتقدات أبيه وأجداده تحت شعار التجديد في حركة الاجتهاد
__________________
(١) كمحاولة الدكتور صادق جلال العظيم في كتابه «نقد الفكر الديني».