والحداثة ، فتسلط علينا من لا يرحمنا نتيجة تهكّم البعض على هذه المعتقدات.
إن شبابنا القابع في زوايا داخله ، المنهمك في تزيين ظاهره ، المنصرف عن دينه هو الذي سمح لأولئك المتغربين المشكّكين أن يجوسوا ديار ثقافتنا فوضعوا لعقولهم مسارات تتحكم بها آليات منطقية غريبة عنا ليقودهم إلى متاهات الحيرة والتشتت بحجة الانفتاح على الحضارات والوحدة بين فرق المسلمين ، كل ذلك أدى إلى إدخال السذج في تيارات دخيلة على الإسلام في محتواها العقيدي والتشريعي ، لنحصل في آخر المطاف على مجموعة أفكار ومعتقدات قائمة على مبدأ الشك والاستحسان أكثر من الاعتماد على الدليل والبرهان. فها هو بعضهم يقول :
(إنّ ابقاء الواقع الفكري في الدائرة الإسلامية المذهبية على حاله ، قد يعطّل المبادرات السياسية ، لأن المذهبية دخلت الخط الحركي الإسلامي بحيث لم يعد التعاون بين المسلمين على الصعيد الحركي أو غيره منطلقا من عمق الاحساس بوحدة الانتماء بل قد يكون وجها من أوجه التحالف السياسي بين فريقين يتوحّدان في المرحلة في بعض مواقع الطريق من دون لقاء في الهدف الكبير في نهاية المطاف ، وفي ضوء هذا ، فإنّ من الصعب ايجاد وحدة إسلامية على الصعيد السياسي في مثل هذا الجو المليء بالحساسيات المذهبية الثقافية ، لأن التعقيدات الداخلية الحادة قد تتحرك في بعض المراحل الأشد قسوة وصعوبة وحيوية لتسقط الهيكل على رءوس الجميع ، ولهذا فلا بد من الانصراف إلى دراسة الوحدة في المسألة الثقافية ، لا سيما العقائدية المتصلة بالتفاصيل في هذا المورد أو ذاك ، بغية تأسيس القاعدة الصلبة التي يلتقي عليها الجميع في كل تنوعاتها الفكرية المتحركة في خطوط القاعدة في حركة الكلي داخل الجزئي ... ثم قال : إن الحاجة ملحة إلى التوصل إلى وحدة في الموقف أية وحدة ، أو إلى لقاء في أي موقع ، أي لقاء ، من أجل مواجهة الاخطار المتحركة في كل مكان مما يفرض على المسلمين تجميد خلافاتهم وتبريد حساسياتهم وتقديم بعض التنازلات حول هذا الخط المذهبي أو ذاك على مستوى المرحلة ..) (١).
ونحن إذ ننتقد هذا البعض حرصا منا على سلامة المعتقدات لأنه كان يحق
__________________
(١) مجلة المنطلق عدد ١١٣ الصادرة عام ١٩٩٥ م صفحة ١٨.