العقل عن قضائه ولا يحتج به على أي كتاب سماوي.
ثالثا : إنّ إنكارهم للسببيّة أو العليّة والمعلولية بين الأشياء نتيجة الخلط بين العلل الطولية والعرضية وعدم التفرقة بينهما ، وسبب نفيهم للسببية هو ما ذكرناه عنهم سابقا ومن استحالة توارد علتين على شيء واحد في عرض واحد لا ما إذا كانت إحداهما في طول الأخرى.
رابعا : إنّ إنكار السببية والعليّة عن كل شيء حتى على سبيل التبعية والظلية خلاف الوجدان حيث يجد المرء بفطرته ووجدانه أن للأشياء آثارا وكذلك للعقاقير والنباتات لا ينكرها إلّا مكابر ، وهذا الوجدان والفطرة حجة علينا وإلّا فلا معنى أن يخلق عزوجل فينا هذا الحكم الخاطئ والباطل في نفوسنا.
إضافة لذلك فإننا نرى أنفسنا علة إيجادية للتصورات والتفكرات الذهنية ونحوها من أفعال النفس لأنها مترشحة عنها ومتوقفة عليها دون العكس ـ أي ليست النفس مترشحة عن هذه الأمور ـ وليس معنى السببية إلّا ما ذكرنا عن حكم الوجدان بذلك.
خامسا : إن نصوص القرآن الكريم أكبر شاهد ودليل على وجود الروابط السببيّة بين الأشياء ، كما في قوله تعالى :
الآية الأولى : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) (التوبة / ١٤).
أسند الله عزوجل تعذيب الكفّار إلى أيدي المؤمنين حيث يمنحهم القوة والسداد.
الآية الثانية : وقوله تعالى : (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٨) قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٩) قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) (مريم / ١٨ ـ ٢٠).
هنا نسب عزوجل التمثّل وهبة الغلام إلى الروح الأمين الواسطة في إيهاب الغلام المبارك عيسى عليهالسلام إلى البتول مريم على سيدتنا الزهراء وعليها آلاف التحية والسلام.
الآية الثالثة : قوله تعالى : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ) (البقرة / ٢٣).
حيث جعل سبحانه الماء سبب لإخراج الثمرات.
إذن هذه الآيات ونظائرها تثبت العلاقة الطبيعية بين الأسباب والمسببات فلا