تصححه؟ فقال : (عن تكاسل أو تساهل) دعوه فإنه لا يحلّل حراما ولا يحرّم حلالا (١).
ومع وجود هذه الأخطاء الإملائية في المصحف العثماني الموجود حاليا ، فإنّ ذلك لا يمسّ بكرامة القرآن وذلك :
أولا : القرآن في واقعه ـ هو الذي يقرأ ، لا الذي يكتب ، فلتكن الكتابة بأي أسلوب ، فإنها لا تضرّ شيئا ما دامت القراءة باقية على سلامتها الأولى التي كانت تقرأ على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحابته الأكرمين. ولا شك أن المسلمين احتفظوا على نص القرآن بلفظه المقروء صحيحا منذ الصدر الأول فإلى الآن ، وسيبقى مع الخلود في تواتر قطعي.
ثانيا : تخطئة الكتابة هي استنكار على الكتبة الأوائل ، جهلهم أو تساهلهم ، وليست قدحا في نفس الكتاب ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (٢).
ثالثا : إن وجود بعض الأخطاء مبني على القراءات غير المشهورة عند المسلمين.
الشبهة الثانية :
لا شك في وجود نسخ في القرآن الكريم ، وقد نصّ على ذلك القرآن نفسه بقوله تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) (البقرة / ١٠٧). وقوله تعالى : (وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ) (النحل / ١٠٢).
فوجود آيات ناسخة وأخرى منسوخة في القرآن ، يستدعي وجود تناف وتهافت بين آياته ، وقد نفى سبحانه وجود اختلاف فيه بقوله تعالى : (... وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً).
والجواب :
١ ـ إنّ النسخ ليس تناقضا في القول ، كذلك ليس من قبيل الاختلاف في النظر والحكم ، وإنما هو ناشئ من الاختلاف في المصداق من حيث قبوله
__________________
(١) نفس المصدر : ودلائل الصدق : ج ٣ ص ١٩٦.
(٢) لاحظ المزيد : التمهيد في علوم القرآن : ج ١ ص ٣١٧.