«وصير الأصنام جذاذا» أي كل من قال له : أنا الله ، قال له : أنت بالله ، قوله : «وامطر وابلا ورذاذا» يريد أصناف العلوم ، يلقيها على قلوب المتعلمين على قدر قواهم ، فالرذاذ منه هو الرش ، وهو الخفيف من المطر ، والوابل هو كل علم يرد على قلب مريض ذي علة فيبريه من تلك العلة ، فكأنه علم مختص بإزالة الشبهات ، يقال : بل المريض وأبلّ واستبلّ ، إذا صح من مرضه.
(وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (٤٤) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥) وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) (٤٦)
الأعراف سور بين الجنة والنار ، باطنه فيه الرحمة وهو ما يلي الجنة منه ، وظاهره من قبله العذاب وهو ما يلي النار منه ، فجعل النار من قبله أي يقابله ، والمقابل ضد ، فلم يجعل السور محلا للعذاب ، وجعله محلا للرحمة بقوله باطنه فيه الرحمة ، فأهل الأعراف في محل رحمة الله ، وذلك هو الذي أطمعهم في الجنة وإن كانوا بعد ما دخلوها ، والأعراف يكون عليه رجال تساوت كفتا ميزانهم ، فهم ينظرون إلى النار وينظرون إلى الجنة ، وما لهم رجحان بما يدخلهم أحد الدارين ، لأنه لم ترجح في الوزن كفة حسناتهم على كفة سيئاتهم ، فلم تثقل موازينهم ولا خفت ، فإنه ما وضع الله لأحد منهم في ميزانه تلفظه بلا إله إلا الله ، فإنه ما ثمّ سيئة تعادلها إلا الشرك ، ولما لم يجتمع الشرك والتوحيد في قلب شخص واحد ، كذلك لا يدخل في الميزان إلا لصاحب السجلات ، ويرى أصحاب الأعراف أن موطن