وذريته ، فنظر إلى شخص من أضوئهم أو أضوئهم ، فقال : من هذا يا رب؟ فقال الله له : هذا ابنك داود ، فقال يا رب كم كتبت له؟ فقال أربعين سنة ، فقال : يا رب وكم كتبت لي؟ فقال الله : ألف سنة ، فقال : يا رب فقد أعطيته من عمري ستين سنة : فقال الله له : أنت وذاك ، فما زال يعد لنفسه حتى بلغ تسعمائة وأربعين سنة ، فجاء ملك الموت ليقبض روحه ، فقال له آدم : إنه بقي لي ستون سنة ، فأوحى الله إلى آدم : أي آدم إنك وهبتها لابنك داود ، فجحد آدم فجحدت ذريته ، ونسي آدم فنسيت ذريته ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : فمن ذلك اليوم أمر بالكتاب والشهود] فهذا آدم وذريته صورا قائمة في يمين الحق ، وهذا آدم خارج عن تلك اليد ، وهو يبصر صورته وصور ذريته ، في يد الحق ، فأخذ الله الصور من ظهر آدم وآدم فيهم ، وأشهدهم على أنفسهم بمحضر من الملأ الأعلى والصور التي لهم في كل مجلى (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) فشهد على نطقهم من حضر ممن ذكرنا بالإقرار بربوبيته عليهم وعبوديتهم له ، وهو قوله تعالى : (شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) فلو كان له شريك فيهم لما أقروا بالملك له مطلقا ، فإن ذلك موضع حق من أجل الشهادة ، فنفس إقرارهم بالملك له بأنه ربهم هو عين نفي الشريك ، وإنما قلنا ذلك لأنه لم يجر للتوحيد هنا لفظ أصلا ، ولكن المعنى يعطيه ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم في هذه الآية : إن الله لما خلق آدم قبض على ظهره فاستخرج منه كأمثال الذر فأشهدهم على أنفسهم ، ومن رحمة الله بخلقه في أخذ العهد على الناس لما أخذهم الله من ظهور آبائهم ، وأشهدهم على أنفسهم بربوبيته قالوا : «بلى» أنت ربنا ، ولم يشهدهم بتوحيده ، إبقاء عليهم ، لعلمه أن فيهم من يشرك به إذا خرج إلى الدنيا ، وتبريه من الشريك في العقبى يوم العرض الأكبر ، فإنه لم يذكر الله في هذه الآية عنا في الأخذ الميثاقي إلا الإقرار بوجود الله لا بتوحيده ، ما تعرض للتوحيد فيها ، فقال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) ولم يقل لهم (ألست بواحد؟) لعلمه تعالى بأنه إذا أوجدهم أشرك بعضهم ووحد بعضهم (قالُوا بَلى) فاجتمعوا في الإقرار له بالربوبية ، أي أنه سيدهم ، وزاد المشرك الشريك ، وقد يكون العبد مملوكا لاثنين بحكم الشركة ، فأي سيد قال له (ألست بربك؟) فلا بد أن يقول العبد بلى ، ويصدق ، فلهذا قلنا إن الإقرار إنما كان بوجود الله ربا له ، أي مالكا وسيدا ، فما كان التصديق إلا بالوجود والملك ، لا بالتوحيد ، وإن كان فيه توحيد فغايته توحيد الملك ،