بحكم التبعية لمعانيها الدالة عليها ، فلا اعتبار لها من حيث ذاتها ، فإنها ليست بزائدة على حروف مركبة ونظم خاص يسمى اصطلاحا. واعلم أن أسماء الله منها معارف كالأسماء المعروفة وهي الظواهر ، ومنها مضمرات مثل كاف الخطاب ، وتائه ، وتاء المتكلم ، ويائه ، وضمير الغائب ، وضمير التثنية من ذلك ، وضمير الجمع مثل نحن نزلنا ، ونون الضمير في الجمع مثل إنا نحن ، وكلمة أنا ، وأنت ، وهو ، ومنها أسماء تدل عليها الأفعال ولم يبن منها أسماء مثل سخر الله منهم ، ومثل الله يستهزىء بهم ، ومنها أسماء النيابة هي لله ، ولكن نابوا عن الله منابه ، مثل قوله : «سرابيل تقيكم الحر» وكل فعل منسوب إلى كون ما من الممكنات إنما ذلك المسمى نائب فيه عن الله ، لأن الأفعال كلها لله ، سواء تعلق بذلك الفعل ذم أو حمد ، فلا حكم لذلك التعلق بالتأثير فيما يعطيه العلم الصحيح ، فكل ما ينسب إلى المخلوق من الأفعال فهو فيه نائب عن الله ، فإن وقع محمودا نسب إلى الله لأجل المدح ، فإن الله يحب أن يمدح ، كذا ورد في الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وإن تعلق به ذم لم ننسبه إلى الله ، أو لحق به عيب. مثل المحمود قول الخليل عليهالسلام : فهو يشفين ، وقال في المرض : إذا مرضت ، ولم يقل : أمرضني ، وما أمرضه إلا الله فمرض ، كما أنه شفاه ، فإذا كنى الحق عن نفسه بضمير الجمع فلأسمائه لما في ذلك المذكور من حكم أسماء متعددة ، وإذا ثنّى فلذاته ونسبة اسم خاص ، وإذا أفرد فلاسم خاص أو ذات وهي المسمى ، وإذا كنى بتنزيه فليس إلا الذات ، وإذا كنى بفعل فليس إلا الاسم على ما قررناه. وانحصر فيما ذكرناه جميع أسماء الله لا بطريق التعيين ، فإنه فيها ما ينبغي أن يعين ، وما ينبغي أن لا يعين ، وقد جاء من المعين مثل الفالق والجاعل ، ولم يجىء المستهزىء والساخر ، وهو الذي يستهزىء بمن شاء من عباده ، ويكيد ويسخر ممن شاء من عباده حيث ذكره ، ولا يسمى بشيء من ذلك ، ولا بأسماء النواب ، ونوابه لا يأخذهم حصر ، فلله الأسماء ما له الصفات ، فهو المعروف بالاسم لا بالصفة ، ولذلك ما ورد بالصفة كتاب ولا سنة ، وورد قرآنا (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) وورد (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) فتنزه عن الصفة لا عن الاسم ، فانظر حكمة الله في كونه لم يجعل له صفة في كتبه ، بل نزه نفسه عن الوصف فقال : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) فجعلها أسماء وما جعلها نعوتا ولا صفات ، وقال : «فادعوه بها» وبها كان الثناء ، والاسم ما يعطي الثناء ، وإنما يعطيه النعت والصفة ، وما شعر أكثر