(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) (٢٤)
(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ) وهو كل من له عليك ولادة (وَأَبْناؤُكُمْ) كل من لك عليه ولادة (وَإِخْوانُكُمْ) كل ما قابلك من الأمثال ، وداخلك من الأشباه ، ومازجك أو قارب من الأنداد (وَأَزْواجُكُمْ) وهو كل ثنّاك وجوده ، وانفعل لك فيما تريده ، وكنت فيه خلاقا ، وإليه إذا غاب عنك مشتاقا ، وجمعتكما الرحمة والمودة الثابتة ، وسكنت إليه ، وسكن إليك ، وأعطاك من نفسه التحكم فيه ، وظهر فيه اقتدارك ، فهو زوجك ، تحبه طبعا وتتحد به ، ويكون ملكا لك شرعا (وَعَشِيرَتُكُمْ) العشائر : الأصحاب ، وكل ما تعتضد به في أمورك (وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها) وهو كل ما تميل إليه فيميل إليك ، ويحضره ديوان نيلك ، ويقف عند فعلك فيه وقولك ، ويتحكم فيه سلطان طولك ، وتصل في اقتنائه نهارك بليلك ، من ثابت كالعقار ، ومن غير ثابت كالعروض والدرهم والدينار ، وكل منقول لا يقر به قرار ، وكله مال ، لأنه مال ، وإليه المآل بعد الرحلة عنه والانتقال ، (وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها) وهو كل أمر تطلب الخروج عنه ، ليكون ذلك الخروج سببا لتحصيل ما يكون عندك أنفس منه ، فتطلب به النفاق في الأسواق ، تخشى كسادها وتخاف فسادها (وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها) وهو كل ما اتخذته محلا ، وكنت به محلى ، وجعلته لك حرما وحلا ، فذلك مسكنك الذي ترضاه ، ومنزلك الذي تقصده وتتوخاه ، كل ذلك قاله لك الحق فيما أنزله إليك ، ووفد به رسوله الأمين عليك ، إذا لم تر وجه الحق في كل ما ذكرته وتعشقت به لعينه ، وتعرف أنه من عنده ما هو عينه ، وآثرته مع هذا الحجاب على ما دعاك الحق إليه من الزهد فيه إذا فقدت فيه وجه الحق فتعلم أن الله ما أراد منك إلا أن تعرفه فيما أمرك بالزهد فيه ، والرغبة عنه ، وأحببته حب عين ، وصورة كون ، وكان أحب إليك من الله