مشهدكم ، فقد حصل المطلوب ، فإن انتقلتم بعد هذا فهو انتقال من خير إلى خير ، أو من خير أدنى إلى خير أعلى.
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (٢٥)
المؤمن الكامل منصور أبدا ، ولهذا ما انهزم نبي قط ، ولا ولي ، ألا ترى يوم حنين لما ادعت الصحابة رضي الله عنهم توحيد الله ، ثم رأوا كثرتهم فأعجبتهم كثرتهم فنسوا الله عند ذلك ، فلم تغن عنهم كثرتهم شيئا ، مع كون الصحابة مؤمنين بلا شك ، ولكن دخلهم الخلل باعتمادهم على الكثرة ، ونسوا قول الله : (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ).
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ) (٢٦)
السكينة هي مطالعة الأمر بطريق الإحاطة من كل وجه ، وما لم يكن ذلك فالسكينة لا تصح ، فالسكينة هي الأمر الذي تسكن له النفس لما وعدت به ، أو لما حصل في نفسه من طلب أمر ما ، وسميت سكينة لأنها إذا حصلت قطعت عنه وجود الهبوب إلى غير ما سكنت إليه النفس ، ومنه سمي السكين سكينا.
(ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (٢٨)