في كل جنة مائة درجة بعدد الأسماء الحسنى ، والاسم الأعظم المسكوت عنه لو ترية الأسماء ، وهو الاسم الذي يتميز به الحق عن العالم هو الناظر إلى درجة الوسيلة خاصة ، وله في كل جنة حكم ، كما له حكم اسم إلهي. ومنازل الجنة على عدد آي القرآن ، ما بلغ إلينا منه نلنا تلك المنزلة بالقراءة ، وما لم يبلغ إلينا نلناه بالاختصاص في جنات الاختصاص ، كما نلنا بالميراث جنات أهل النار الذين هم أهلها ، وأبواب الجنة ثمانية على عدد أعضاء التكليف ، وهي العين والأذن واللسان واليد والبطن والفرج والرجل والقلب ، وقد يقوم الإنسان في زمن واحد بأعمال هذه الأعضاء كلها ، فيدخل من أبواب الجنة الثمانية ، في حال دخوله من كل باب منها ، فإن نشأة الآخرة تشبه البرزخ ، وباطن الإنسان من حيث ما هو ذو خيال ، وأمّا خوخات الجنة فتسع وسبعون خوخة ، وهي شعب الإيمان بضع وسبعون شعبة ، ولكل شعبة من الإيمان ، طريق إلى الجنة (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). راجع سورة ٧٥ آية ٢٣ حديث أبي بكر النقاش.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (٧٣)
وذلك لإظهار عزة الإيمان بعز المؤمن ، ثبت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في غزوة وقد تراءى الجمعان : من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فأخذه أبو دجانة ، فمشى به بين الصفين خيلاء ، مظهرا الإعجاب والتبختر ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذه مشية يبغضها الله ورسوله ، إلا في هذا الموطن ، وما أظهر صلىاللهعليهوسلم غلظة على أحد إلا عن أمر إلهي حين قيل له : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) فأمر به لما لم يقتض طبعه ذلك ، وإن كان بشرا يغضب كما يغضب البشر ، ويرضى لنفسه ، فقد قدم ذلك دواء نافعا يكون في ذلك الغضب رحمة من حيث لا يشعر بها في حال الغضب ، فكان يدل بغضبه مثل دالته برضاه.
(يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ