بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا قُلِ اللهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ (٢١) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (٢٢)
ما قدم تعالى البر على البحر وتهمم بتقديمه إلا ليعلم أنه من قدر على البر لا يسافر في البحر إلا من ضرورة ، فلو لا أن لله فيه سرا ما قدمه وما أخر البحر ، إلا إذا لم يجد المسافر سبيلا إلى البر ، فإنه من التزم تقديم ما قدم الله رأى خيرا في حركاته ، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : لو لا هذه الآية ثم يتلو (هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) لضربت بالدرة من سافر في البحر. ولو لم يكن في الإشارة إلى ترك السفر إلا قوله في ذلك (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) لكانت هذه الآية كافية (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ) بالأخذ ، من أحاط بهم العدو ، فلا يجدون مفلتا ولا منفذا (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) عند ما رأوا آيات الله غير المعتادة تنبهوا من غفلتهم ، فدعوا الله مخلصين له الدين (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ) الآية ، وهو ما وقع بهم من العذاب والهلاك (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ).
(فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٣)
(فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) فعادوا إلى شركهم وبغيهم بعد إخلاصهم لله (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) وهكذا يقولون في