فلذلك كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ، ولم يكفر من قال إنه رابع ثلاثة وخامس أربعة ، بالغا ما بلغ ولما كان الاسم الأحد لا يكون عنه شيء البتة ، وعن الاسم الفرد ظهر ما ظهر من أعيان الممكنات ، فما وجد ممكن من واحد ، وإنما وجد من جمع ، وأقل الجمع ثلاثة ، وهو أول الأفراد ، فافتقر كل ممكن إلى الاسم الفرد يدل على ذلك أن التكوين الإلهي عن قول كن ، وهو ثلاثة أحرف كاف وواو ونون الواو بين الكاف والنون لا ظهور لها لأمر عارض ، أعطاه سكون النون وسكون الواو ، إلا أنه للنون سكون أمر ، فسرت هذه الحقيقة الفردية. والثلاثة أول الأفراد ، وكان غاية المشرك أن يقول. (إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) ولم يزد على ذلك وما حكى عن مشرك بالله أنه قال فيه غير ثالث ثلاثة وجاء رابع أربعة ولا ثامن ثمانية ، فلسريان حقيقة التثليث الموجودة في الأصل قال تعالى فيمن قال بالتثليث : إنه كافر وما سماه مشركا ، فإنه ستر ما كان ينبغي له مما بيناه فلما ستر هذا البيان سماه كافرا ، لأنه ما من إله إلا إله واحد ، وإن كانت له أحكام مختلفة فلو لم يستر هذا الكافر وأبان لقال ما هو الأمر عليه. وأما من يدعي أن الآلهة ثلاثة ، فذلك مشرك جاهل وهو من الضلال فإنه ما ثم على الأحدية زائد.
(أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٤) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (٧٥) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٧٦) قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٧٧) لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ