وهو إذا وجد الإنسان أنّ نفسه تتردد في فعل أمر ما ، هل يفعله أو لا يفعله؟ وما تزال على تلك الحال حتى يكون أحد الأمور التي ترددت فيها فيكون ويقع ذلك الأمر الواحد ويزول التردد فذلك الأمر الواقع هو الذي ثبت في اللوح من تلك الأمور المتردد فيها وذلك أن القلم الكاتب في لوح المحو يكتب أمرا ما وهو زمان الخاطر الذي يخطر للعبد فيه فعل ذلك الأمر ثم تمحى تلك الكتابة يمحوها الله فيزول ذلك الخاطر من ذلك الشخص لأنه ما ثم رقيقة في هذا اللوح تمتد إلى نفس هذا الشخص في عالم الغيب فإن الرقائق إلى النفوس من هذه الألواح تحدث بحدوث الكتابة وتنقطع بمحوها فإذا أبصر القلم موضعها في اللوح ممحوا كتب غيرها مما يتعلق بذلك الأمر من الفعل أو الترك فيمتد من تلك الكتابة رقيقة إلى نفس ذلك الشخص الذي كتب هذا من أجله فيخطر لهذا الشخص ذلك الخاطر الذي هو نقيض الأول ، فإذا أراد الحق إثباته لم يمحه ، فإذا ثبت بقيت رقيقة متعلقة بقلب هذا الشخص وثبتت ، فيفعل ذلك الشخص ذلك الأمر أو يتركه بحسب ما ثبت في اللوح فإذا فعله أو ثبت على تركه وانقضى فعله محاه الحق من كونه محكوما بفعله وأثبته صورة عمل حسن أو قبيح على قدر ما يكون ، ثم إن القلم يكتب أمرا آخر هكذا الأمر دائما ، وهذه الأقلام هذه مرتبتها والموكل بالمحو ملك كريم على الله تعالى هو الذي يمحو على حسب ما يأمر به الحق تعالى والإملاء على ذلك الملك ومن أحكام هذه الأقلام تكون جميع التأثيرات في العالم دائما ولا بد لها أن تكتب وتثبت انتثار الكواكب وانحلال هذه الأجرام الفلكية وخراب هذه الدار الدنياوية وانتقال العمارة في حق السعداء إلى الجنان العلية وفي حق الأشقياء إلى جهنم وهي أسفل سافلين ـ وجه آخر ـ للقلب وجهان ظاهر وباطن فباطنه لا يقبل المحو بل هو إثبات مجرد محقق وظاهره يقبل المحو [وهو لوح المحو] والإثبات فيه وقتا أمرا ما (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) فقلب العبد هو محل الإلقاء الإلهي من خير وشر شرعا ، وهو لوح المحو والإثبات ، فيخطر للعبد خاطر أن يفعل أمرا ما من الأمور ، ثم ينسخه خاطر آخر ، فيمحو الأول ويثبت الثاني ، وهذا ما دام العبد مهتما لخواطره ، محجوبا عن كشف الإلقاء الإلهي ، فإذا أيّد بالعصمة إن كان نبيا ، أو بالحفظ إن كان وليا ، عاد قلبه لوحا محفوظا عن المحو ، فإن ظهر ممن هذا مقامه محو في ظاهر الكون بعد إثبات ، وهو عن أمر يقوم بالقلب من الحق ، فلا يقال فيه إنه لوح محو وإثبات لأنه صاحب كشف ، وإنما وقع المحو في ظاهر الكون وبقيت حكمته